سلطنا حسن الوقف على مترفيها، وهما شاذان لا تجوز القراءة بهما، وقد يكون الوقف حسنا والابتداء قبيحا نحو يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ (١) الوقف حسن، والابتداء بإياكم قبيح لفساد المعنى، إذ يصير تحذيرا عن الإيمان بالله تعالى. ولا يكون الابتداء إلا بكلام موفّ للمقصود. والجائز هو ما يجوز الوقف عليه وتركه، نحو وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ (٢) فإن واو العطف تقتضي عدم الوقف، وتقديم المفعول على الفعل يقتضي الوقف، فإن التقدير ويوقنون بالآخرة، لأن الوقف عليه يفيد معنى وعلامته أن يكون فاصلا بين كلامين من متكلمين، وقد يكون الفصل من متكلم واحد كقوله لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ (٣) الوقف جائز فلما لم يجبه أحد أجاب نفسه بقوله: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤) وكقوله: وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ (٥) هنا الوقف. ثم يبتدئ رسول الله على أنه منصوب بفعل مقدّر، لأن اليهود لم يقرّوا بأن عيسى رسول الله، فلو وصلنا عيسى ابن مريم برسول الله لذهب فهم من
ــ
ذكر ياءات مقرونة بنون الجمع حال النصب والجرّ، والنون محذوفة للإضافة، والياء ثابتة خطّا فتثبت لفظا في الوقف نحو: حاضري المسجد الحرام، ومحلى الصيد، والمقيمي الصلاة، ولا ترد وقفا إذ لم تثبت خطّا، ولأن حكم الإضافة لم يزل بالوقف، وإلا لوجب أن لا يجرّ ما بعد الياء، لأن الجرّ إنما كان بالإضافة وقد زالت، فمن زعم ردّ النون فقد أخطأ وخرق الإجماع وزاد في القرآن ما ليس منه.
_________
(١) الممتحنة: ١.
(٢) البقرة: ٤.
(٣) غافر: ١٦.
(٤) غافر: ١٦.
(٥) النساء: ١٥٧.
1 / 34