الجلالة، وأن الراسخين يعلمون تأويل المتشابه: كما سيأتي بأبسط من هذا في محله. والكافي ما يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده واستغناء ما بعده عنه بأن لا يكون مقيدا له، وعود الضمير إلى ما قبل الوقف لا يمنع من الوقف، لأن جنس التام، والكافي جميعه كذلك، والدليل عليه ما صح عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال لي رسول الله «اقرأ عليّ» فقلت يا رسول الله أقرأ عليك، وعليك أنزل؟ فقال: «إني أحب أن أسمعه من غيري»، قال:
فافتتحت سورة النساء فلما بلغت شهيدا، قال لي: «حسبك» (١) ألا ترى أن الوقف على شهيدا كاف وليس بتام، والتامّ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٢) لأنه آخر القصة وهو في الآية الثانية، وقد أمره النبي ﷺ أن يقف دون التامّ مع قربه، فدل هذا دلالة واضحة على جواز الوقف على الكاف، لأن قوله يومئذ إلخ ليس قيدا لما قبله، وفي الحديث نوع إشارة إلى أن ابن مسعود كان صيتا.
قال عثمان النهدي: صلى بنا ابن مسعود المغرب بقل هو الله أحد فوددنا أنه لو قرأ سورة البقرة من حسن صوته وترتيله، وكان أبو موسى الأشعري كذلك،
ــ
فمن وقف على التي في النمل أثبت، ومن وقف على التي في الروم جوّز الحذف كما في الخط والجمهور يحذفون كل الياءات المحذوفة عند الوقف عليها اتباعا للمصحف، وكان يعقوب يثبت الياءات كلها في الوقف وإن كانت محذوفة في الخط إلا المنوّن والمنادي كهاد ووال ويا قوم ويا عباد وسيأتي بيانه. وأما نظائر هذه الياءات وهي محذوفة خطا، ففي آل عمران: وَمَنِ اتَّبَعَنِ، وفي المائدة: وَاخْشَوْنِ، وفي الأنعام: وَقَدْ هَدانِ، وفي الأعراف: ثُمَّ كِيدُونِ، وفي الإسراء: أَخَّرْتَنِ، وفيها وفي الكهف:
_________
(١) صحيح: أخرجه البخاري (٩/ ٨١)، وأحمد في المسند (١/ ٣٧٤) من حديث ابن مسعود.
(٢) النساء: ٤٢.
1 / 31