وردت ألين بعد تردد قليل: لا، أظن أنه لا يريد هذا.
فقال: هل يرغب في الزواج بفيرونيك كريستوف؟
وكان ردها هذه المرة بغير تردد: لا، أنا واثقة من أنه لا يرغب في هذا. - إذن فهذا حسن، حسن جدا.
وسكت الاثنان قليلا، وكان المطر ينهمر في الخارج فيرتطم بزجاج النافذة، ودخل القهوة بضعة رجال، أخذوا أماكن بعيدة، وأطفأ تولون سيجارته، ولمس ذراعها بأطراف أصابعه، محاولا دفعها لأن تنظر إليه مباشرة، ثم قال برفق: انتبهي إلي قليلا يا عزيزتي، ما أريده منك هو أن تسافري من هنا في مدى ساعة، إلى ستيجاند حيث يوجد منزلك البديع، وستقابلكم في الطريق فرقة من البوليس الطواف، وسيأمر سائق عربتك بالوقوف، ثم يتقدم ضابط في لباسه الرسمي ومعه شرذمة من الجنود إلى باب العربة، وستضطربين ويغمى عليك، أو تتصرفين كما تفعل عادة السيدات العصبيات، فيكون الضابط في هذا الوقت قد أمر السيد البرنس دي بوربون بالنزول، فإذا حاول المقاومة - وإن كنت واثقا من أنه لن يقاوم - فالرجال سيقبضون على شخصه المبجل ولكنهم سوف لا يؤذونه وأقسم لك بشرفي على هذا! وستكون هناك عربة أخرى لتحمل السيد إلى قلعة دايك حيث يعنى به كل العناية ولكن لبضعة أيام فحسب، أسبوعين على الأكثر، وستستأنفين أنت السفر إلى ستيجاند، حيث تبقين هناك مصابة بصدمة في الأعصاب من جراء ما لاقيته من فزع وانزعاج. ويجب أن تجيبي دائما عن كل سؤال أو استفهام يلقى إليك بأنك لا تعرفين شيئا، وأن المفاجأة أثرت على أعصابك في ذلك الوقت فأغمي عليك، فعندما صحوت وجدت أن جلالته قد اختفى. وقد لا يصدقك أحد ويظنون فيك الظنون، ولكن النتيجة على كل حال ستكون انهيار مشروع الزواج، وهذا ما يرغب كلانا فيه؛ أنا لأنه يترك آل بوربون مفلسين لا يستطيعون الاستمرار في مشروعهم، وأنت لأنك تتمكنين بذلك من أن تتخذي لنفسك من فتاك اللطيف زوجا.
وسكت تولون بعد هذا الحديث الطويل، وقد أفصح عنه من أوله إلى آخره بصوت ناعم هادئ، وانتظر لحظة حتى يتأكد من أن كلماته قد استقرت في نفسها، ثم أخذ سيجارة فأشعلها بحركات هادئة بطيئة وقال: تذكري أيضا يا صديقتي العزيزة أنك سوف تنالين مقابل دورك في هذه اللعبة الصغيرة مكافأة لطيفة لا تقل عن خمسة وعشرين ألف جنيه، إنها دوطة زواج يا عزيزتي، لا يمكن أن يترفع عنها حتى أمير.
وتنهدت ألين تنهدة عميقة، ثم وضعت يدها فوق خدها الملتهب وقالت: إن لك يا صديقي قدرة على دفع الإنسان إلى أن يفعل ما تريد.
فهز كتفيه وقال برزانة: لم أقل هذا إلا لأبين لك بساطة الموضوع كله، فإنك تبالغين كثيرا في تصور أهمية دورك فيه، ولا تنسي يا عزيزتي أنني كنت أستطيع أن أقوم بكل شيء بدون مساعدتك غير أني لم أعمد إليها إلا ...
فقاطعته وأتمت: إلا لأنك تريد قبل كل شيء أن يسير الموضوع دون أن يشعر أحد به. إن ما تريده في الحقيقة هو سكوتي.
فسألها بتملق: ألست على استعداد لأدفع نصف مليون ثمنا له؟
فردت بحمية: إنه يستحق هذا، وأنت تعرف ذلك، فلو أنني أذيع الموضوع لما توانى البارون كريستوف عن أن يتقدم بملياره ليخلص لويس من قبضتك، ولا تذكر إمبراطور أوستوريا فإن المال يفعل كل شيء، حتى إذا أخذوا لويس من دايك وعاد إلى بادن بادن، فماذا يكون حالك أنت يا صديقي؟ ستظل كما أنت الآن تدبر الخطط محاولا استرجاعه ثانية، ولكنك لن تجد الأمر سهلا بعد ذلك؛ لأن ألين سان أماند لن تساعدك، هل فهمت؟
Bilinmeyen sayfa