ويسمّى «النستعليق» على النحت لا على التركيب، وهو الخطّ الشائع أيّامئذ في بلاد فارس، المفيد الاقتصاد في استعمال الكاغد والورق وغيرهما، لتعليق العلوم والفنون على اختلافها، وقد أمره نصير الدين بكتابة الزيج الإيلخاني وغيره من كتب علم النجوم، وجمال خطّه بنوعيه ظاهر فيما بقي ووجد من كتبه ومنسوخاته، «كتلخيص معجم الألقاب» وكتاب «الأحكام»، و«كامل ابن الأثير»، قال الصلاح الصفدي في كتابه «أعيان العصر وأعوان النصر»: «وأمّا خطّ ابن الفوطيّ فلم أر أقوى منه ولا أبرع، ولا أسرح ولا أسرع، خطّ فائق، رافع رائق، بديع الى الغاية في تعليقه ... وكان يكتب من هذا الخطّ العجيب في كل يوم أربع كراريس، يأتي بها أنقش وأنفس من ذنب الطواويس، وأخبرني من رآه قال:
ينام ويضع ظهره الى الأرض، ويكتب ويداه الى جهة السقف. ولم أر له بعد هذا خطّا إلاّ وهو عجب».وقال الذهبي وتابعه ابن رجب: «كتب الكثير بخطّه المليح ... وله ذكاء مفرط وخطّ منسوب رشيق في غاية الحسن»، وقال ابن حجر العسقلاني: «كتب بخطّه المليح كثيرا جدّا ... وكان له نظم حسن، وخطّ بديع جدّا.
ملكت بخطّه «خريدة القصر» للعماد الكاتب في أربع مجلّدات، في قطع الكبير؛ وقدّمتها لصاحب اليمن فأثابني عليها ثوابا جزيلا جدّا، وكان مع حسن خطّه يكتب في اليوم أربع كراريس».
ودرس ابن الفوطيّ علوم الأوائل، ومنها الفلسفة على النصير الطوسيّ، كما يفهم من مترجميه، وحضر مجالس كبار العلماء في ذلك العصر؛ وكانوا يردون مراغة جماعات جماعات ووحدانا، وكتب دروس الحكمة لنفسه ولغيره كما ذكر هو نفسه، إلاّ أنّنا لم نجد في أقواله ولا في تآليفه ولا في أسمائها أثرا لتلك الحكمة، ولذلك لم يغل ابن حجر في نعته بالحكمة بل قال: «وكان له نظر في علوم الأوائل».
والله أعلم بذلك النظر، بعد أن لم نجد له من أثر، فالرّجل حنبليّ المذهب، سلفيّ المشرب، لا يعرّج صادقا على علوم الأوائل والفلسفة والحكمة وهواه في الحديث.
1 / 40