رجال البلاط من المسلمين المقرّبين الموثّقين عندهم حسب. وكان الحفاظ على المناصب يستوجب إيفاد الوفود إلى حضرة السلطان الإيلخاني، وسدّة وزيره، ومقام كبراء الدولة الحافين به، والامراء المكناء عنده مستحقبين الوصايا والهدايا، ويحضر أحيانا أرباب المناصب بأعيانهم. ولا يبعد أن يكون ابن الفوطيّ ممّن أصابه حيف، أو ممّن سعوا في تحقيق أمل كان مزعوما أو دعي إلى عمل فسافر إلى حضرة السلطان المذكور، وتعرف تلك الحضرة بالأوردو (الكلمة التركية المغولية) أي المخيّم والمعسكر بالعربية، وقد ذكر ابن الفوطيّ في كتابه المذكور أنّه سافر الى الأوردو سنة ٧٠٤ هـ مع النقيب الطاهر رضي الدين أبي القاسم (١) علي بن طاوس الحسينيّ.
وأغلب ظنّي أنّ ابن الفوطيّ سافر إلى حضرة السلطان محمّد أولجايتو، بدعوة من أصيل الدين الحسن بن نصير الدين الطوسيّ، وترغيب من رشيد الدين فضل الله الوزير، أو أحد أتباعه للنسخ والمقابلة، لأنّ خطّه كان جميلا ونسخه كان سريعا، على ما ذكر المؤرّخون ولا سيّما الصلاح الصفدي، يؤيّد ذلك الظنّ الغالب أنّ ابن الفوطيّ قال في ترجمة عفيف الدين محمد القاشي النقّاش: «رأيته بأرّان في مخيّم السلطان، وهو ينقش في كتاب المولى الوزير الحكيم رشيد الدين سنة خمس وسبعمائة، وفي سنة ٧٠٦ هـ كان بتبريز، كما صرّح به في ترجمة قطب الدين محمد ابن عمر بن أبي الفضل التبريزيّ الفقيه القاضي نائب قاضي القضاة (٢)، وكان فيها أيضا سنة ٧٠٧ هـ كما ذكر في ترجمة عزّ الدين الحسين بن سعد الله بن حمزة العلويّ العبيدليّ (٣)، وسافر في السنة نفسها الى السلطانية، كما صرّح به في ترجمة عزّ الدين بن محمود الشرواني
_________
(١) (هذا رضي الدين علي بن طاوس الأصغر لا الأكبر المتوفّى قبل ذلك بسنين غير قليلة).
(٢) (راجع ترجمته في الملقّبين بقطب الدين من هذا الكتاب).
(٣) (ترجمته في الملقّبين بعز الدين من هذا الكتاب).
1 / 32