إشرافه على دار الكتب المستنصريّة
وسفراته إلى أذربيجان وغيرها
وقد توصّل ابن الفوطيّ الى أن يكون مشرفا على دار كتب المدرسة المستنصرية وخزانة كتبها على الوجه الصحيح، لأنّ دار كتب المستنصرية لم تكن مفصولة عنها، وكانت خزانة حافلة بالوف مجلّدات من الكتب على اختلاف أنواعها، قيل: إنّها احتوت على ثمانين ألف مجلّد أكثرها نفيسة، بخطوط منسوبة أو رائقة، وقد وصفها وصفا موجزا في ترجمة قطب جهان أبي المحامد حمد بن عبد الرزّاق الخالدي قاضي قضاة الممالك، قال: «قدم علينا بغداد في خدمة أخيه، لما قدمها صحبة العسكر الإيلخاني سنة ست وتسعين وستمائة، وحضر عندنا في خزانة كتب المدرسة المستنصرية في جماعة من علماء قزوين، فلمّا عاين تلك الكتب المنضّدة، والتي لم يوجد مثلها في العالم، لم يطالع منها شيئا، لكنّه سأل: «هل تحتوي هذه الخزانة على الهياكل السبعة؟ فقد كان لي نسخة مذهّبة، شذّت عني أريد أن أستكتب عوضها (١)».واعتراف ابن الفوطيّ بأنّ كتب المستنصرية لم يوجد مثلها في العالم، مع علمه بخزانة كتب الرصد بمراغة المقدّم ذكرها، شهادة بأنّها كانت أجلّ وأنفس من خزانة كتب الرصد على وفارة كتبها.
وقد ذكر ابن الفوطيّ أنّه كان مشرفا على خازن كتب المستنصرية، محيي الدين أبي المحامد يحيى بن إبراهيم الخالدي المتوفّى سنة ٦٨٢ هـ فولايته الإشراف إذن كانت قبل تلك السنة؛ وذكر في موجز السيرة لبعض الفضلاء، أنّه
_________
(١) (راجع ترجمته في الملقّبين بقطب من هذا الكتاب).
1 / 29