85

Mağanım

المغانم المطابة في معالم طابة

Yayıncı

مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Türler

أي: لا يَختلط أحدهما بالآخر، وهنا عجَزَ الحِسُّ عن الفصل بينهما، والعقل يقتضي أن بينهما حاجزًا يَفصل بينهما، فذلك الحاجز المعقولُ /١٣ هو البرزخُ. وعالَمُ البرزخِ معقولٌ في نفسه وليس إلا الخيالُ، فإنك إذا أدركتَه وكنتَ عاقلًا تعلم أنك أدركت شيئًا [وجوديًا] (^١) بأنك وَقَعَ بصرك عليه، وتعلمُ قطعًا بدليلٍ أنه ما ثَمَّ شيء أصلًا، فما هو هذا الذي أثبتَّ له وجوديةً ونفيتَها عنه في حال إثباتك إياها؟ فالخيال لا موجود ولا معدوم، ولا معلوم ولا مَجهول، ولا منفي ولا مثبت. كما أن الإنسان يُدْرِكُ صورتَه في المرآة، ويعلمُ قطعًا أنه أدرك صورتَه بوجهٍ، ويعلم قطعًا أنه ما أدرك صورتَه بوجهٍ؛ لِمَا يرى فيها من الدِّقَّةِ إذا كان جِرْم المرآة صغيرًا، ويعلم أن صورتَه أكبرُ مما رأى، وكذلك (^٢) إذا كان جِرْم المرآة كبيرًا يرى صورته في غاية الكِبَرِ، ويقطعُ أن صورته أصغر، ولا يَقْدِرُ أن يُنكرَ أنه رأى صورتُه، ويعلم أنه ليس في المرآة صورته، ولا هي بينه وبين المرآة، ولا هو انعكاسُ شُعاعِ البصرِ إلى الصورة المرئية فيها من خارج؛ إذ لو كان كذلك لأدرك الصورة على قَدْرِها، فليس الرائي بصادقٍ ولا كاذب في قوله: إنه رأى صورته، ما رأى صورته، فما تلك الصورة المرئية، وأين مَحَلُّها، وما شأنُها؟ فهي منفية ثابتة، موجودة معدومة، معلومة مجهولة. أظهر الله تعالى هذه الحقيقةَ لعبده ضربَ مثالٍ؛ ليعلم ويتحقَّقَ أنه إذا عَجِزَ في دَرْكِ حقيقةِ هذا وهو في العالَم، فهو بِحقيقةِ خالقهِ أعجزُ وأجهل، وأشدُّ حَيْرة، ونَبَّهَ بذلك أن تَجلِّياتِ الحقِّ تعالى للعبد أرقُّ وألطفُ معنى من

(^١) في الأصل: وجود، وعليها (ط) علامة التوقف. (^٢) في الأصل: ولذلك، ولعل الصواب ماأثبتناه.

1 / 86