308

Mağanım

المغانم المطابة في معالم طابة

Yayıncı

مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Türler

والخَيْرِ، والخِيَرَة، والجَنَّةُ، أو شَجرةٌ فيها، وطوبى لُغَةٌ فيها.
وَقِيلَ: لَمَّا كانت طِينَةُ المدينة طَيِّبَةَ الأصلِ زكِيَّةَ الخِلقَةِ ظهر ذَلِكَ الحالُ فيها ظاهِرًا، حَيْثُ يُوجَدُ في أماكنها وَأَزِقَّتِها نَفحَةٌ طَيِّبَةٌ، لا يَخْفَى ذلك على مُتأمِّلِها ظاهِرًا وباطِنًا، حَيْثُ تنفِي الخَبَث عَنْ نَفْسِها حتَّى لا يَبْقَى فيها إلا الطيبُ الزَّاكي.
قال ياقوت: مِنْ خصائِصِ المدينَةِ أنَّها طَيِّبَةُ الرِّيحِ، وللعِطْرِ فيها فَضلُ رائحةٍ لا يوجَدُ في غَيْرِها (^١).
كما رُوِّيْنا مِنْ عِنْدِ مُسْلم من حَدِيثِ جابرٍ ﵁: "إنَّما المدينة كالكِيرِ تنفي خَبتَهَا، وينصع طيبها" (^٢).
وفي هذا الحديث أَوْضَحُ بُرْهانٍ على طِيبِ هذه البُقْعَةِ المُقَدَّسَةِ وطهارَتِها، وهذا شَأْنُ العَوَالم النورانِيَّةِ، والجهاتِ المُقَدَّسَةِ مِنْ ذواتٍ وَبقَاعٍ. وفِيه إشارَةٌ إلى نوعٍ من العِلْمِ خَفِي، وإِثْباتٌ أن هذه البَلْدَةَ ثَبَتَ لها مِنَ الفَضْلِ أن جانَسَتْ بما اشتمَلت عليه ما لَيْسَ مِنْ جِنْسها، فتعالَتْ عن بقاعِ الأرْضِ وشَرُفَتْ عليهَا بثُبُوتِ أمْرٍ لها ظهر عِنْد نفي الخبث عنها، وظهورَ آثارِ الأنوارِ فيها. ويُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أن العَبْدَ المُؤمِنَ إذا رُزِقَ الحُلُولَ بِها أُعِينَ على الطَّاعات، وتَيَسَّرتْ لَهُ أَنْوَاعُ العبادات، وسَهُلَ عليه الإشْرَافُ على نيل المرادات، وتتضاعف أَنْوارُهُ وتَمْكِينُه، ويَزْدَادُ إيمَانُهُ ويَنْصانُ دِينُه، ويَقِلُّ عِصيانُهُ ويَثْبُتُ يَقِينُهُ.
هذا كُلُّه مِنْ خواصِّ البُقْعَةِ والطينةِ المُجَرَّدة، فكيف إذا قُورِنَ بِجِوارِ مَن

(^١) معجم البلدان ٥/ ٨٧.
(^٢) أخرجه البخاري، في فضائل المدينة، باب المدينة تنفي الخبث، رقم: ١٨٨٣، ٤/ ١١٥، ومسلم، في الحج، باب المدينة تنفي شرارها، رقم: ١٣٨٣، ٢/ ١٠٠٦.

1 / 309