أقطار المماليك اليمنية في اليوم السادس من ذي الحجة سنة ٧٩٧ هـ (^١) فقد كان هذا المنصب شاغرًا منذ وفاة القاضي جمال الدين بن محمد بن عبدالله الريمي سنة ٧٩٢ هـ وكتب له منشورًا بذلك، بلغ إلى أقطار الممالك اليمنية، وبعد هذا التعيين يغادر تعز ليقوم بعمله الجديد.
وبالغ السلطان في إكرامه، وتزوج ابنته، وتمسك به حبًا له وتقديرًا، حتى أودىبه هذا الحب أن يحول بينه وبين بعض مايشتهي، فقد طلب المجد من السلطان أن يأذن له بالحج سنة ٧٩٩ هـ في رسالة كتبها إليه. فأجابه السلطان بعبارات تظهر شدة تعلقه به وحرصه على بقائه في اليمن وكان مما قاله: «أن هذا شيء لاينطق به لساني، ولايجري به قلمي، فقد كانت اليمن عمياء فاستنارت، فكيف يمكن أن تتقدم (^٢) -وأنت تعلم- أن الله تعالى- قد أحيا بك ما كان ميتًا من العلم، فبالله عليك إلا ما وهبت لنا بقية هذا العمر، والله- يامجد الدين- يمينًا بارةً، إني أرى فراق الدنيا ونعيمها، ولافراقك أنت اليمن وأهله».
واستجاب المجد لطلب الملك، وفي سنة ٨٠٢ هـ أعاد الكرة بطلب الإذن للحج، فإذن له السلطان فحج تلك السنة، وجاور بمكة بقيتها، وشيئًا من أول السنة التي تليها، وجعل داره التي أنشأها على الصفا مدرسة للملك الأشرف، كما زار المدينة، وأنشأ بها مدرسة كتلك التي في مكة، ثم قرر العودة إلى اليمن مارًا بمكة وفي طريقه إليها علم بموت الملك الأشرف، وتَقَلُّد أزمّة الحكم بعده ابنه الناصر، فلازمه المجد وسار معه كما سار مع أبيه ويخلص له الود كما أخلص لأبيه، فنراه يؤلف كتاب " الأحاديث الضعيفة" ليريحه من البحث والتنقيب عنها في كتب الحديث.
_________
(^١) انظر العقود ٢/ ٢٧٨.
(^٢) كذا، ولعل المراد: أن تتقدم بالإذن.
1 / 17