. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
=فلما شرفنى الله ﷿ بأرغب الزيارة، الموجبة للبهجة والبشارة، أعنى زيارة المدينة النبوية المنورة، زادها الله تعالى تشريفًا وتعظيمًا فى الأولى والآخرة، وذلك فى شهر المحرم الحرام، المنتظم فى شهور سنة (٣٣٣) من هجرة سيد الأنام، عليه وعلى آله صلوات رب البرية والسلام، فاطلعت هناك بمساعدة من العزيز الجبار، على نسخة من مغانى الأخيار، كانت فى ثلاثة مجلدات كبار، فسر لى بالى برؤيته، متجاوزًا عن الحد، واشتد خيالى لتحصله وجد؛ لأن ما قرب وصاله، يجذب بال المتشوق، ويطير إليه خياله، لكن كان فى الإرادة هذه الإقامة فى تلك البلدة الطيبة أقل، وحجم الكتاب يعظم من أن تتم كتابته فيها وأجل، فعوقنى ضيق الوقت عن حصول المأمول بالكمال، وأحوجنى إلى صرف عنان العزم إلى الانتخاب منها بالإعجال، فوجهت عزمى عليه، بحيث يتأتى المقصود، ولا يتطرق الإخلال إليه؛ لأن العدول عن بعض الشىء إلى إرجاء إدراك كله، ليس من دأب العمال القانعين على تيسير حصوله من جله، فانتخبت منها تراجم رواة ليس لهم ذكر فى كتابى الحافظ الربانى، شيخ الإسلام ابن حجر العسقلانى، "التقريب، وتهذيب التهذيب" الشهيرين عند الأقاصى والأدانى.
ثم بعد وصولى إلى موطنى المستقر، واستراحتى من محب كأب السفر، رأيت أن أسير أولًا فى أوراق أسماء رواة ذلك الكتاب بأسرها، لوجوه لا تخفى على من ألم بهذا الفن من أهل الفضل والنهى، فجمعتها على ترتيب حروف الهجاء المشتهر، ثم أضفت إليها التراجم أخذًا من التجريد المستطر، ضامًا إليه ما تقرر فى كتب النقد، للذين هم فى هذا الشأن أهل الحل والعقد، ولم أل جهدًا فى الافتحاص عما لهم من الأحوال، وتتبع ما كان فيهم للنقاد والأجياد من الأقوال، وبالغت فى ذلك إلى غاية فحص الفاحص، على حسب ما يبلغ مدى نظرى الناقص، فلما استتب هذا المقصود المحمود، ونجوت فى هذا المسلك الصعب عن الهبوط والصعود، حولته بعون الله تعالى إلى البيض من السود، فلعله إن شاء الله تعالى صار كأنه الدر المنضود، والدر المشهود، وسميته كشف الأستار عن رجال معانى الآثار، ووسمته بالحياة لما فى الطحاوى من الرواة.
ثم إن كل راو له ذكر فى التقريب، أو تهذيب التهذيب، فأذكر عن الثانى خلاصة ما يميزه عن غيره، وأما الأول فأورد غالبًا ما أورده فيه بأسره، وأكتفى فى هؤلاء الرواة على الأكثر على ما فيها من التخريج والتوثيق، فإنهما الأن هما القدوة فى هذا الشأن عند أهل التنقيد والتحقيق، ولا أزيد عليه إلا ما شاء الله وهو ولى التوفيق.
1 / 11