شديدة لأنه تجاوز على حرية نصراني مصري (قبطي) في سباق الخيل لما سبقه القبطي فضربه ابن الأمير قائلا: ما كان لك أن تسبق ابن الأكرمين .ا وهي حادثة معروفة. وقد قال الخليفة عمر للأمير وابنه بعد العقوبة كلمته المشهورة: "منذ كم استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراة!".
وهنا تأتي قضية الرق. فالإسلام أتى بتحسين حال الأرقاء ونظم لهم حقوقا قانونية مضمونة بالقضاء، وأوصى بهم واعتبرهم بمقتضى العقيدة الاسلامية (إخوانا) لمواليهم، واعتبر إعتاق الرقيق عبادة من أعظم العبادات ثوابا عند الله، وأوجب هذا الإعتاق إيجابا في كثير من الأحوال والحوادث .
والغى جميع منابع الاسترقاق المألوفة إذ ذاك عند العرب والرومان وغيرهم سوى الحرب المشروعة فقط. ولكنه لم يلغ الاسترقاق بتاتا إذ ذاك لأن الأمم المحيطة بالمسلمين كلها متمسكة به وتسترق من يقع في آيديها من المسلمين. فأبقى الإسلام على الاسترقاق موقتا بنتيجة الحرب المشروعة على طريقة المقابلة بالمثل، وهو مبدأ مقرر إلى اليوم في الحقوق الدولية، ولكن الشريعة مهدت للالغاء المطلق بجعله مفوضا إلى الإمام (السلطة الحاكمة العليا) عندما تستعد الأمم لقبول إلغائه فلا تبقى حاجة للمقابلة بالمثل.
هذا مع ملاحظة أن جميع الشرائع الأخرى من دينية أو وضعية لم تأت منها واحدة بالدعوة إلى إلغاء الرق ولا إلى تحسين وضع الأرقاء، بل ولا مهدت لالغائه ذلك التمهيد الذي أسسه الإسلام، بل استمر الرق في جميع العالم غيرالإسلامي على قسوته حتى القرن التاسع عشر الميلادي ..
(المبدأ الثالث) - الحكم في دولة الإسلام يجب أن يقوم على أساس الشورى، وهذا مبدأ تضمنه القرآن، وطبقه الرسول طوال حياته مع أصحابه لا يجوز أن يكون الحكم استبداديا . ولكن الإسلام لم يحذد طريقة تحقيق الشورى لأن ذلك يختلف بحسب الإمكانيات الزمانية والمكانية وما يحدث من أساليب جديدة مفيدة. فيمكن تأسيس طريقة الحكم بحسب دواعي المصلحة إما على نظام الملكية الدستورية، أو النظام الجمهوري، أو النظام
Sayfa 59