45

Madhkira Usul al-Fiqh ala Rawdat al-Nazir

مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر- ط عطاءات العلم

Yayıncı

دار عطاءات العلم (الرياض)

Baskı

الخامسة

Yayın Yılı

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Yayın Yeri

دار ابن حزم (بيروت)

Türler

تكليف ما لا يطاق، إذ لو قيل للمكلف: "افعل ما أُضْمِرُ في نفسي أنك تفعلُه وإلَّا عاقبتُك" فقد كلف بفعل ما لا طاقة له به؛ لأنَّ اهتداءه إلى الفعل المطلوب من غير علمٍ ليس في طاقته، كما هو واضح.
واعلم أنَّ الأحكام الشرعية قسمان: قسم منها تعبدي محض، وقسم معقول المعنى.
فالتعبدي كالصلاة والزكاة والصوم، فيشترط في التكليف به العلم بحقيقة الفعل المكلَّف به كما بينا، ويزاد على ذلك العلم بأنه مأمور به من اللَّه تعالى، إذْ لابد له من نية التقرب به إلى اللَّه تعالى، ونية التقرب إليه ﷿ لاتمكن إلا بعد معرفة أنَّ الأمر المتقرب به إليه أمر منه جل وعلا.
وأمَّا معقول المعنى فلا يشترط في صحة فعله نية التقرب، ولكن لا أجر له فيه البتة إلا بنية التقرب إلى اللَّه تعالى.
ومثالُ ذلك ردُّ الأمانة والمغصوب، وقضاءُ الدَّين، والإنفاق على الزوجة، فمن قضى دينه، وأدَّى الأمانة، وردَّ المغصوب مثلًا لا يقصد بشيء من ذلك وجه اللَّه، بل لخوفه من عقوبة السلطان مثلًا، ففعلُه صحيح دون النية، وتسقطُ به المطالبة، فلا يلزمُه الحقُّ في الآخرة بدعوى أنَّ قضاءه في الدنيا غير صحيح لعدم نية التقرب، بل القضاء صحيح، والمطالبة ساقطة على كل حال، ولكن لا أجر له إلا بنية التقرب، وهذا هو مراد المؤلف بقوله: (وهذا يختصُّ بما يجب به قصد الطاعة والتقرب).

1 / 48