وقال عبد الله بن عمرو بن العاص في الخبر الذي رواه مسلم في أول صحيحه "١: ١٢": إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل، فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب، فيتفرقون، فيقول الرجل منهم: سمعت رجلًا أعرف وجهه، ولا أدري ما اسمه، يحدث. ثم أردف قائلًا: إن في البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان، يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنًا.
وجاء بشير بن كعب إلى ابن عباس ﵁ فجعل يحدثه. فقال له ابن عباس: عد لحديث كذا وكذا، فعاد له، ثم حدثه، فقال له: عد لحديث كذا وكذا، فعاد له، فقال له: ما أدري، أعرفت حديثي كله وأنكرت هذا؟ أم أنكرت حديثي كله وعرفت هذا؟ فقال له ابن عباس: إنا كنا نحدث عن رسول الله ﷺ إذ لم يكن يُكذب عليه، فلما ركب الناس الصعب والذلول، تركنا الحديث عنه.
وقال عبد الله بن عباس ﵁ إنما كنا نحفظ الحديث. والحديث يُحفظ عن رسول الله ﷺ، فأما إذ ركبتم كل صعب وذلول فهيهات.
وقال مجاهد: جاء بشير العدوي إلى ابن عباس، فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله ﷺ، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه. فقال: يابن عباس! ما لي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله ﷺ ولا تسمع. فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلًا يقول: قال رسول الله ﷺ ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول، لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف.
1 / 4