فطري الحمام ويومذاك أعيد
أنا واثق أن شيخنا، قدس الله سره، ما عيد قط، لا على لحم ولا على بيض ... اللهم بعدما نسك. أما كيف يفطر وكيف يعيد أبو العلاء إذ يموت، فهذا يأتيك خبره في حينه، فلا تستعجل الأمور قبل أوانها فتعاقب بحرمانها.
إن أبا العلاء ربيب المتنبي في خطوط فلسفته الكبرى ، وهو أخو الجاحظ في هزئه المتلبس بالجد، وسخريته المتعالية حتى على الخواص. ليس أبو العلاء شاعر الفلاسفة ولا فيلسوف الشعراء؛ فقد أبعدته فلسفته عن الشعر، ولا يصح أن نعده، في لزومياته، شاعرا، إلا إذا جاز لنا أن نحصي ابن مالك في الشعراء. ليست لزوميات شيخنا ديوان شعر، ولكنها كتاب جمع فيه مؤلفه أصول «مذهبه» وبسطها بسطا معمى تقية وإيثارا للعافية. أما نبهنا إلى ذلك بقوله:
أوجز الدهر في المقال إلى أن
جعل الصمت غاية الإيجاز
لا تقيد علي لفظي؛ فإني
مثل غيري تكلمي بالمجاز
فمن هو هذا «الغير» يا ترى؟
هذا ما يعنيني ويعنيك أيها القارئ اللبيب، ففكر معي إلى حين يفتح الله علينا.
كان في نفس المعري حاجة ما اجترأ على مفاتحة الناس بها؛ فلم يمن بما مني به المتنبي من قصاص وخيبة ...
Bilinmeyen sayfa