Müzikle Birlikte: Anılar ve İncelemeler
مع الموسيقى: ذكريات ودراسات
Türler
وبالفعل نجد هذا المعنى واضحا في أذهان المفكرين منذ أقدم العصور؛ فأفلاطون كان هو بدوره الذي عرف الإيقاع بأنه «تنظيم الحركة»؛ أي إنه بعد أن صرح بأن أصل الإيقاع حركة حيوية، أضاف إلى هذا العنصر الحيوي عنصرا آخر ذا طبيعة ذهنية أو عقلية، هو عنصر التنظيم، الذي هو طريقة تشكيل الحركة المتدفقة وصياغتها في قالب أو صورة محددة.
وقد ظل لفكرة التنظيم بدورها دور أساسي في تعريف الإيقاع، بحيث اعترفت بأهميته أحدث التعريفات التي وضعت للإيقاع، فقيل إن «الإيقاع مجموع من اللحظات الزمانية الموزعة وفقا لترتيب معين»، وأن «الإيقاع هو النظام في توزيع مدد الزمان.»
ومع اعترافنا بالأهمية القصوى لعنصر التنظيم هذا، فمن الواجب أن نتساءل: فيم يتمثل هذا التنظيم، ومن أين جاء؟ إن في وسعنا التمييز بين نوعين من التنظيم: نوع نخلقه نحن، بإرادتنا الواعية، وتكون له في هذه الحالة طبيعة ذهنية خالصة، ونوع آخر تقدمه إلينا الطبيعة والحياة ذاتهما، وهو تنظيم نخضع له ونقبله كما هو، وإن كنا أحيانا نسيطر عليه في حدود معينة. ومن أمثلة هذا النوع الأخير، مشية الإنسان؛ فهي بحكم الطبيعة تنظيم معين لحركة الإنسان، لا نستطيع أن نغير شيئا من صورته الجوهرية، ولكنا نستطيع تعديل بعض تفاصيله، بدليل أن كل إنسان يمكنه أن يتحكم في مشيته ويعدلها - في حدود معينة - تبعا للظروف.
وعلى أية حال فإن أفضل وسيلة لتعريف الإيقاع هي تلك التي تجمع بين عنصري الحركة والتنظيم معا، بحيث تكون الحركة تعبيرا عن العنصر المادي أو الحيوي في الإيقاع، والتنظيم تعبيرا عن عنصره الذهني أو الروحي. وبهذا المعنى يكون الإيقاع جامعا بين المادة والروح في مركب واحد، أو بين المجال العضوي والبيولوجي من جهة، والمجال الذهني الهندسي من جهة أخرى، في توافق وانسجام؛ فالإيقاع في أساسه حركة، ولكن هذه الحركة إذا ظلت حرة طليقة بلا تنظيم لا تكون إيقاعا، بل لا بد ممن يسيطر عليها ويوجهها. •••
ولكن أية حركة هي تلك الي ينظمها الإيقاع الموسيقي؟ أهي الحركة التي نألفها في حياتنا المعتادة حين ننتقل من موضع إلى آخر؛ أعني الحركة المكانية؟ لا شك في أن الإيقاع الموسيقي ينظم حركة من نوع آخر، لا شأن لها بالمكان أصلا، بل هي حركة تتم خلال الزمان. وهكذا نجد لزاما علينا أن نشرح فكرة ثالثة تكون عنصرا أساسيا في فهم الإيقاع، بل في فهم الموسيقى ذاتها بوجه عام؛ وأعني بها فكرة الزمان.
في حياتنا اليومية تتمثل لنا، دون وعي، تلك التفرقة التي عبر عنها الفيلسوف الفرنسي برجسون بطريقة عميقة حين ميز بين الزمان
Le temps
والديمومة
La durée ؛ فحين نفكر في إحساسنا بمضي الوقت نجد فارقا واضحا بين ذلك الزمان الرتيب المتجانس الذي نعيشه بانفعالاتنا واهتماماتنا، والذي قد تطول فيه لحظات هي - بحساب الساعة الآلي - لحظات قصار، أو تقصر فيه فترات لا نشعر فيها بمضي الزمان وإن كانت الساعة تنبئنا بأن وقتا طويلا قد انقضى.
والزمان هو لب الإيقاع الموسيقي، بل إن الإيقاع الموسيقي ربما كان أقوى عناصر الفنون كلها تعبيرا عن الزمان. والواقع أننا حين نعرف الإيقاع بأنه تنظيم للحركة خلال الزمان، إنما نعني بذلك أن الإيقاع يقوم بإدخال تنظيم معين على ذلك السيل المتدفق من الحركة الزمانية، بحيث نشعر في الإيقاع بأننا نتحكم على نحو ما في مجرى الزمان وننظمه، بدلا من أن ننساب معه دون وعي.
Bilinmeyen sayfa