وينبغي أن يذكر دليل الحكم ومأخذه، ومن تأمل فتاوى النبي ﷺ الذي قوله حجة بنفسه، رآها مشتملة على التنبيه على حكمة الحكم ونظيره، كما سئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال: "أينقص الرطب إذا جف؟ قالوا: نعم ١. فزجر عنه"، ومن المعلوم أنه كان يعلم نقصانه بالجفاف، ولكن نبههم على علة التحريم.
ومن هذا قوله لعمر وقد سأله عن قبلة امرأته، وهو صائم، قال: "أرأيت لو تمضمضت، ثم مججته " ٢؟ فنبه على أن مقدمة المحظور لا يلزم أن تكون محظورة.
ومن هذا قوله ﷺ: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم" ٣، ومن ذلك قوله لأبي النعمان ابن بشير: "أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" ٤، وقوله: "أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة" ٥، فنبه على علة المنع بكون أحدهما عظما، وهذا تنبيه على عدم التذكية بالعظام.
_________
١ رواه مالك والترمذي وأبو داود والنسائي عن سعد بن أبي وقاص.
٢ رواه أبو داود والنسائي عن جابر ﵁.
٣ رواه الطبراني عن ابن عباس ولأبي داود نحوه في المراسيل عن عيسى بن طلحة.
٤ رواه مسلم وغيره عن النعمان بن بشير ﵁.
٥ أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن رافع بن خديج ﵁.
1 / 39