وأقول إنه لم يرد كثرة الكسي والتحف، ولكن أراد ألوانها المختلفة؛ وذلك أن الغيث إذ أصاب الأرض أنبتت ألوانا مختلفة من الزهر، فكذلك الكسي التي
يعطيها، ولذلك جعلها من الوشي والعصب، وهي برود اليمن، تحوي ألوانا مختلفة، والديباج عمل الروم كذلك.
وقوله: (الطويل)
فَحُبُّ الجَبَانِ النَّفْسَ أورَدَهُ التُّقَى ... وحُبُّ الشُّجاع النفسَ أورَدَهُ الحَرْبَا
قال: يرد الشجاع الحرب (إما) ليبلي بلاء يشرف ذكره في حياته به، وإما يقتل فيذكر بالصبر والأنفة بعد موته. وأنشد على ذلك أبياتا للعرب والمحدثين، وقال: المحدثون يستشهد بهم في المعاني كما يستشهد (بالقدماء) في الألفاظ. وفسر البيت الذي بعده، وهو قوله: (الطويل)
ويختَلِفُ الرَّزقانِ والفِعْلُ واحِدٌ ... إلى أنْ تَرَى إحسانَ هذا لِذَا ذَنْبَا
بأن قال: إن الرجلين ليفعلان فعلا واحدا، فيرزق أحدهما ويحرم الآخر؛ فكأن الإحسان الذي رزق به هذا، هو الذنب الذي حرم به هذا.
1 / 25