وقوله: (الطويل)
ومَنْ تَكُنِ الأسْدُ الضَّواري جُدودَهُ ... يَكُنْ ليلُهُ صُبْحا ومَطْعَمُهُ غَصبْا
لم يذكر ابن جني تعلق هذا البيت بما قبله واتصاله به.
وأقول: إنه لما ذكر في البيت الذي قبله لعب البين به، وأخبر أنه كثير الأسفار، قلق في البلاد، قال: فأنا في ذلك ليلي نهار ومطعمي غصب، وذلك فعل الأسد؛ لأن أجدادي أسود. وليت شعري! كيف ساغت له هذه الدعوى في أجداده بأنهم أسود، وهم يقصرون عن أن يكونوا ثعالب؟! وكأنه عاد عن هذه الدعوى فيما بعد مخافة الإكذاب؛ فشط، فاستفهم، فقال: (الطويل)
ولستُ أبَالي بَعْدَ إدْرَاكي العُلا ... أكانَ تُراثا مَا تَنَاولتُ أم كَسْبَا
يقول: إذا أدركت العلا فلا أبالي أورثته عن آبائي أم أدركته بنفسي.
وقوله: (الطويل)
فَبُورِكتَ من غَيْثِ كأَنَّ جُلُودَنَا ... به تُنبتُ الدَّيباجَ والوَشْيَ والعَصْبَا
قال: جعله كالغيث، وجعل جلودهم كالأرض التي تنبت إذا أصابها الغيث؛ يريد كثرة ما يعطيهم من الكسي والتحف.
1 / 24