112

İslam Öncesi Çağ

عصر ما قبل الإسلام

Türler

حياة البدو

جعلت طبيعة الأرض السكان في الشمال قسمين: حضر وبدو، فأما الحضر: فهم الذين كانوا يسكنون المدن، وقد ذكرنا في الفصل العاشر تاريخ أهم مدائنهم مكة والمدينة، ونظام الحكم فيهما، وحالتهما الاجتماعية، ونريد أن نذكر هنا أن الفروق بين البدو والحضر لم تكن محددة تماما؛ فقد كانت هناك حالة نصف بدوية وحالة نصف حضرية؛ ذلك لأن فريقا من البدو كانوا في الأصل حضرا، وفريقا من الحضر كانوا في الأصل بدوا، والحضر هم سكان المدن، أما البدو فهم سكان البادية، الذين ليست لهم مدائن يقيمون فيها، وكانوا قبائل، لكل قبيلة رئيس أو شيخ يحكمها، حسب العرف الذي كان يقوم عندهم مقام القانون الذي كان يرجع إليه الحضر، وكانت طبيعة البيئة التي تحيط بهم تحدوهم دائما إلى التقاطع وغزو بعضهم بعضا، فكانت كلمتهم متفرقة، على أنه كان يحدث أن تتحالف جملة قبائل، فتصبح تحت لواء واحد، وتكون الكلمة العليا فيها لمن بيده هذا اللواء، وكان الوصول إلى رئاسة القبيلة أو القبائل المتحالفة إنما يكون بالغلبة أو بالحزم أو بالمال أو بالدسائس، وكان رئيس القبيلة يمارس على أفراد قبيلته نفوذا لا حد له ، فكلمته أمر يطيعه الجميع، وكثيرا ما كان يستبد رؤساء القبائل استبدادا شديدا، كما يستدل على ذلك من أخبار بعض أيام العرب [راجع فقرة حرب البسوس]، وكانت العصبية بين أفراد القبيلة عظيمة جدا، حتى إن القبيلة كانت تقوم بأجمعها انتصارا لفرد من أفرادها، وينصرونه ظالما أو مظلوما، فإذا تغلب العقل على بعض أفرادها كان ذلك وصمة عار لا تمحى، ويلي الاهتمام بالعصبية الاهتمام بالنسب، ويدخل في باب النسب الولاء؛ فللمولى من الحقوق ما للنسيب، والنسب يكون في بني الأب الواحد، فإذا تشعبت البطون وافترق بنو الأب إلى قبائل - انحلت روابط القرابة، وحصل التنازع بين القبيلتين، ويقوم مقام النسب الحلف وهو بين قبائل العرب كالمعاهدات السياسية في الوقت الحاضر - ويكون بين أهل النسب الواحد أو بين القبائل المتباعدة في النسب، ومن أشهر أحلافهم التي رواها التاريخ: حلف المطيبين، وحلف الفضول، ويقوم مقام النسب والحلف الجوار، وهذا يجب الدفاع عنه والوفاء له، ولو أدى إلى سفك الدماء، وبذل الأموال.

وكانت طبقاتهم في النسب كالآتي: (1)

الشعب: وهو النسب الأبعد. (2)

والقبيلة: وهي الفرع من فروع الشعب. (3)

والعمارة: وهي قسم من القبيلة. (4)

والبطن: وهم فريق من العمارة. (5)

والفخذ: وهم فريق من البطن. (6)

والفصيلة: وهم فرقة من الفخذ.

وكان يشترط في شيخ القبيلة أو الزعيم - إطلاقا - خمس صفات هي: الشجاعة والكرم والحلم والثروة وكثرة الأنصار، وكان توافر هذه الشروط من الأمور التي تستلزمها طبيعة الحياة البدوية، فالشجاعة كانت مطلوبة؛ لأن البيئة البدوية بيئة غزو وغارات؛ لأنها بيئة قليلة الموارد، فالقبيلة التي كانت لا تملك شيئا ترى من حقها أن تأخذ ممن يملك، إن لم يكن بالتفاهم فبالغزو، حتى لقد أصبح الغزو حالة عقلية مزمنة، فإذا لم يجد البدوي من يغزوه، غزا أصدقاءه، ولقد صدق الشاعر - القطامي - الذي قال:

Bilinmeyen sayfa