200

Letaif-i Maarif

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

Araştırmacı

ياسين محمد السواس

Yayıncı

دار ابن كثير

Baskı Numarası

الخامسة

Yayın Yılı

1420 AH

Yayın Yeri

بيروت

Türler

Tasavvuf
وقالت عائشة: ما رأيْتُ أحدًا كانَ أشدَّ عليهِ الوجَعُ مِن رسولِ الله ﷺ، وكان عندَهُ في مرضِهِ سبعةُ دنانِيرَ؛ فكانَ يأمرُهُم بالصَّدَقَةِ بها، ثم يُغْمَى عليه، فيشتغِلونَ بِوَجَعِه، فدَعَا بها فوضَعَها في كَفِّه، وقال: "ما ظَنُّ محمّدٍ بربِّهِ لو لَقِيَ الله وعندَهُ هذه؟ "، ثم تصَدَّقَ بها كلِّها، فكيفَ يكونُ حالُ مَنْ لَقِيَ الله تعالى وعندَهُ دماءُ المسلمينَ وأموالُهم المحرمَةُ؟! وما ظَنُّهُ بِرَبِّهِ وَلَمْ يَكُنْ عندَهُم في مرضِهِ دُهْنٌ للمِصباح يُوقَدُ فيه. فلمَّا اشتَدَّ وَجَعُهُ ليلةَ الاثنين أرسلَتْ عائِشةُ بالمصباحِ إلى امرأةٍ مِنَ النساءِ، فقالَت: قَطِّري لنا في مِصْباحِنا مِن عُكَّةِ (^١) السَّمنِ، فإن رسولَ الله ﷺ أمسى في جديدِ (^٢) الموتِ. وكان عند عائشةَ إزارٌ غَلِيظٌ مما يُصْنَعُ باليمن، وكِساءٌ مِن المُلَبَّدِ (^٣)، فكانَتْ تُقْسِمُ باللَّهِ إن رسولَ الله ﷺ قُبِضَ فيهما. ودخلَتْ عليه فاطِمَةُ ﵂ في مرضِهِ، فسارَّها بشيءٍ فَبَكَتْ، ثم سارَّها فضحِكَتْ، فسُئِلَتْ عن ذلِكَ، فقالت: لا أُفشِي سِرَّ رَسولِ اللهِ ﷺ. فلمَّا تُوفِي سُئِلَتْ، فقالت: أخبرَني أنَّه يَموتُ في مرضِهِ، فَبكيتُ، ثم أَخبرَنِي أنِّي أوَّلُ أَهلِهِ لُحُوقًا بهِ، وأَنِّي سيَّدةُ نِساءِ العَالمين (^٤)، فضحِكْتُ (^٥). فلمَّا احتُضِرَ رسولُ الله ﷺ اشتدَّ بهِ الأمْرُ، فقالت عائشة: ما أَغْبِطُ أحدًا يُهَوَّنُ عليهِ الموتُ بعدَ الذي رأيْتُ مِن شدَّة (^٦) موتِ رَسولِ الله ﷺ.

(^١) العُكَّةُ: أصغر من القِرْبة للسمن، وهو زُقَيْقٌ صغير، وجمعها عُكَكٌ وعِكاكٌ. والعُكَّةُ من السمن والعسل؛ قال ابن الأثير في النهاية: وهي وعاء من جلد مستدير يختص بهما، وهو بالسمن أخص. (اللسان). (^٢) جديدُ الموت: أوَّله. (^٣) في ب، ش، ع، ط: "الملبَّدة". والملبَّد: المرقَّع. (^٤) الذي في الصحيحين والترمذي: "أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة، أو سيدة نساء أهل الجنة". (^٥) رواه البخاري رقم (٦٢٨٥) و(٦٢٨٦) في الاستئذان، باب: من ناجى بين يدي الناس، ولم يخبر بسرِّ صاحبه، فإذا مات أخبر به، و(٣٧١٥) و(٣٧١٦) في فضائل الصحابة، باب: مناقب قرابة رسول الله ﷺ، ومسلم رقم (٢٤٥٠) (٩٧ - ٩٩) في فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة بنت النبيِّ، عليها الصَّلاة والسَّلام؛ وابن ماجه رقم (١٦٢١) في الجنائز، باب: ما جاء في ذكر مرض رسول الله ﷺ وأحمد في "المسند" ٦/ ٧٧ و٢٤٠ و٢٨٢ من حديث عائشة، ﵂، وقد ذكره المؤلف مختصرا وبالمعنى. (^٦) في آ: "من سكرة".

1 / 207