وإياك ثم إياك أن تطيع الأقران؛ فإنهم أفسدوا الزمان يضحكون من المسلمين بالسر والإعلان، ويأكلون لحوم الأخوة بالأسنان، يتركون الصلوات، ويفرون من الجماعات يحقرون المسلمين، ولا يصلحون بين المؤمنين، يتكلمون بأمور الدنيا في المساجد، ويطعنون على المهاجر والمجاهد، يكثرون الطعام والمنام، ويبالغون في فضول الكلام، اتخذوا جهالهم علماء وسفهاءهم فقهاء، فاستفتوا منهم، وهم أفتوا، فضلوا وأضلوا، ولم يخشوا اتخذوا البدعة سنة فعليهم وزرهم ووزر من اقتدى بهم والسنة بدعة فعليهم وبالهم ووبال من تأسى بهم، تباغضوا بالقلوب وتحابوا بالألسن، وأفشوا النفاق بينهم فإن اقتديت بهم في هذه الخصائل فقد أفسدت عليك، وإن خالفتهم نلت الدرجات العلى والغرفات العلية في الجنة.
أما تعلم أن الله تعالى يطلع على معاصي عباده ولا يخفى عليه مثقال ذره، ثم لا يفضحهم ويستر عيوبهم، وإن تابوا يغفر ذنوبهم فما أجهل الخلق! وما أغفل!
أما تعلم أن الله تعالى يبعث من في القبور ومن خلق الخلق قادر على الحشر والنشور، ويحضر في المحضر العام، ويناقش كلا من الخواص والعوام، ويسأله عن مال فيما اكتسبه، وعن عمر فيما أفناه، وعن وقت فيما ضيعه، فهل تقدر عند ذلك على الجواب؟ أو تنفعك الرسالة والكتاب، أو تنفعك شفاعة الشافعين إلا أن يرحمك ربك فينظر إليك بنظر المغفرة أقول قولي هذا وافوض أمري إلى الله، إنه بصير بما نفعله، هذا تذكرة لمن أراد أن يتذكر، فمن شاء ذكره.
اللهم إنا عبادك العصاة المجرمون ظلمنا أنفسنا، فلا تجعلنا من الخاسرين واجعلنا مع الكرام البررة، آمين.
Sayfa 14