فالله الله عباد الله؛ راقبوا قلوبكم، وحاسبوا نفوسكم من قبل أن تقع في الشدة، وإياكم أن تضيعوا أعماركم في انقياد الشهوة ما حالكم إذا جاءكم الأجل وانقطع العمل، ووقعتم في غمرة بعد غمرة، وحضرتكم ملائكة أولو البطش والقوة، فنزعوا أرواحكم بسكرة بعد سكرة ، فعند ذلك تتحشرون، وما تفيدكم الحسرة، وتتضرعون وما تنفعكم الأوبة، ووراء ذلك في القبر أهوال شديدة، ومصائب عديدة ذات الوحشة والدهشة، كيف حالكم إذا أحاطت بكم ظلمات متراكمة وفتنة بعد فتنة، وضغط بكم القبر ضغطة تختلف بها الأضلاع وتتوحش منها الأرواح، وتعرضها الرزية كل الرزية، وقد ورد في صحاح الأخبار، برواية الأخيار، أنه لما توفيت سيدتنا زينب بنت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (حضر رسول الله دفنها وكفنها، ولما فرغ من ذلك وألقى التراب فيما هنالك تغير لونه واضطرب وجهه، فسألوه عنه، فقال: لقد رحمتها وضعفها، ولقد ضغطتها القبر ضغطة صاحت بها، فسمع صوتها كل خلق إلا الثقلان من الأنس والجنة، فدعوت الله أن يخفف عليها الضغطة)(1).
إخواني تفكروا في هذه المصيبة، هذا حال بنت النبي صلى الله عليه وسلم، صاحب الآيات، والمعجزات العلية، فمن أنا وأنتم أيها العصبة، ووراء ذلك في القبر عذاب شديد وضيق مديد، وظلمة فوق ظلمة، فنوروا قبوركم بكثرة الأعمال على طبق السنة، واجتناب سيئات الأفعال، وقبائح البدعة.
Sayfa 76