بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بسط بساط الأرض وأدار الفلك نفعا للمخلوقات من أنس وجن وملك، فسبحانه من إله عليم بما في بطون الأمهات، خبير بما في جوف الطبقات، حكيم بصنعه مدبر في ملكه من الأرض إلى الفلك، نشهد أن لا إله إلا هو، قائلين أنت ربنا لا شريك لك، ونشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله الذي نودي في الأزل، كرمك الله وبجلك صلى الله عليه وعلى آله ما طار الطائر وسار السائر ودار الدائر في الأرض والفلك.
أما بعد:
{يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم، الذي خلقك فسواك فعدلك، في أي صورة ما شاء ركبك}(1)، خلقك من مني يمنى، ثم جعلك علقة، ثم مضغة، ثم عظاما ولحما وصورك، أيها المغتر بحسنه وجماله، والمتفخر بماله وكماله، هذا أصلك فتذكر! وهذا مبدؤك! فما أجهلك! تخالف المولى الذي جلت قدرته وعمت نعمته المهدي، ومن هلك، وتعصي خالقك الذي عزت حكمته وشملت رحمته الفاجر، ومن على سبيل السواء سلك، أخرجك من العدم إلى الوجود، وهو صاحب الكرم والجود، وفي دار البلاء أمهلك ليعلم المطيع من العاصي والسعيد من القاسي، ويميز بين من أحاط به النور، وبين من حواه الحلك، ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدوه، ما يريد منهم رزقا وما يريد أن يطعموه إنه هو الرزاق لكل من دار عليه الفلك.
Sayfa 66