واعلموا أن من سخر من مؤمن، أو مؤمنة، أو اغتابه، أو أذاه، خاصمه يوم التناد، وما أدراك ما يوم التناد، يوم يحاسب فيه على كل كثير وقليل، ويناقش بكل حقير وجليل، وتوفى فيه حقوق العباد، كيف حالكم إذا أحاطت بكم خصماؤكم، وخاصمكم أحبابكم؟ فمن قائل: إنه اغتابني، ومن قائل: إنه سخر مني، ومن قائل إنه ضحك مني، ومن قائل: إنه دعا علي، ومن قائل: إنه قصر في حقوق الوداد.
فالله الله عباد الله؛ اتقوا الله، ولا تكونوا من أرباب الفساد، وانظروا سير من مضى من الأباء والأجداد، كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، ويجتهدون في طاعة الملك الدائم، فخلفتم من بعدهم أضعتم الصلوات، واتبعتم الشهوات، وربطتم بين نفوسكم وبين عدوكم رابطة الوداد، فتنبهوا من نوم الغفلة، وداوموا على تطهير النفس والتزكية، ورابطو نفوسكم على الأخوة بجميع العباد، وعليكم بالمداومة على تلاوة القرآن وعلى الاذكار والاوراد؛ فإن ذكر الله دواء من كل داء ومنق من الفساد.
اللهم يا رحمن، يا رحيم، يا منان، يا كريم، يا خالق العباد ومدبر البلاد؛ اغفر لنا وسامحنا، وأعف عنا، وأعطنا خير ما يراد.
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد}(1).
الخطبة الأولى للجمعة الخامسة من شهر ربيع الآخر
Sayfa 63