تفكروا فيما سيمر عليكم فيما بعد الموت من الشدائد والأهوال العظيمة الشأن إذا تولى دفنكم أحبابكم، وترخص منكم أقرانكم، وبقيتم بلا أنصار ولا أعوان، وأحاطت بكم الظلمة من كل ناحية، وضمكم القبر ضمة، تختلف منها أضلاعكم وحضركم النكيران، فيسألانكم عن دينكم، وعن ربكم، وعن نبيكم سيد الأنس والجان، فانظروا ما تجيبونهما به، وتفكروا فيما تخاطبونهما به، فإن أجبتموهما بالصواب فزتم بدرجات الثواب وغرفات الجنان، وإن شككتم عند ذلك وقعتم في المهلكة والخسران.
ووراء ذلك يحشر فيه من في القبور، ويبتلى بشدائد النشور، {قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا}، فيقال: {هذا ما وعد الرحمن}(1) يوم ينشر فيه الكتاب ويكشف الديوان، ويحاط بالنار من كل الجوانب، ويبعث إليها بعث كأمثال الكتائب من أهل العصيان، فتنبهوا أيها الإخوان، توبوا إلى الله جميعا، واستغفره في كل زمان ومكان؛ لعل الله يغفر ذنوبكم ويتجاوز عن سيئاتكم وينجيكم من دركات النيران.
وقولوا بصميم الجنان، وخلوص اللسان: اللهم يا منان، يا رحمن، يا ديان يا حنان؛ اغفر لنا ذنوبنا، واستر عيوبنا، وأدخلنا جنتك مع أهل الإيقان.
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}(2) .
الخطبة الأولى للجمعة الرابعة من شهر ربيع الآخر
Sayfa 61