Hayatımdan Görünümler: Yarı Otobiyografik Bir Anlatı
لمحات من حياتي: سيرة شبه ذاتية
Türler
وطالت الجلسة بين أبي وبين رئيس الوزراء، وأخيرا خرجا وودع أبي رئيس الوزراء وشملنا الحبور، فلو لم يكن نجاح أبي مرجحا ما زاره رئيس الوزارة لتصفو علاقته به، فقد أدرك أن الأمور لن تستقيم إلا إذا كان رئيس مجلس النواب على علاقة طيبة مع رئيس الوزراء.
وجاء موعد الانتخابات، وبدأ اليوم بداية طبيعية، وقد كان لافتتاح البرلمان في ذلك العهد مراسم رائعة. كان الملك يركب عربة تجرها خيول، والعربة مفتوحة وتسير في طرقات القاهرة من عابدين إلى مجلس النواب، ويكون رئيس الوزراء بجانب الملك في هذا الموكب تحف بهما الخيول يركبها الحرس الملكي ويتقدم الموكب الموتسيكلات وتقف جموع الشعب على الصفين تصفق وتهلل، شأنها دائما، حتى يصل الموكب إلى دار البرلمان وتنطلق المدافع مؤذنة بوصول الموكب، ويدخل الملك إلى قاعة مجلس النواب، ويجلس بين تصفيق الأعضاء على كرسي العرش بالمجلس الذي لم يعد موجودا الآن بالقاعة، وإنما نقل إلى متحف مجلس النواب، وبعد ذلك يبدأ رئيس الوزراء في إلقاء خطبة العرش، وكان المفروض أن الملك هو الذي يلقي خطبة العرش، ولكن لأن الدستور النيابي بدأ في عهد الملك فؤاد الذي كان لا يجيد العربية فقد استقر العرف الدستوري على أن يلقى رئيس الوزراء خطبة العرش باسم الملك فيقول: «وستعمل حكومتي»؛ لأنه يتكلم بلسان الملك لا بلسان رئيس الوزراء.
بدأ حسن باشا صبري يلقي الخطبة، ولكن فجأة يسقط حسن باشا صبري على الأرض مصابا بأزمة قلبية لا تمهله دقائق ويلقى ربه، ويقوم الملك عن عرشه إلى حجرته بالمجلس ويعلن تأجيل افتتاح البرلمان لأول مرة في التاريخ ولآخر مرة أيضا، فإن هذا الحدث ليس من شأنه أن يتكرر ويموت رئيس الوزراء، وهو يلقي خطاب العرش، بل أحسب أن هذا الذي وقع لم يقع في أي بلد آخر على مدى تاريخ الحياة النيابية في العالم.
وألف الوزارة بعد حسن صبري المرحوم حسين سري باشا، ولم يشرك في الوزارة رشوان محفوظ باشا الذي كان طامعا فيها كل مطمع. ويغضب رشوان محفوظ فيطلب من أنصاره من نواب الصعيد ألا ينتخبوا مرشح الحزب الذي ينتمي إليه والذي كان أبي رغم صداقة رشوان باشا لأبي، فينسلخ من أنصار أبي أكثر من سبعة عشر صوتا، ويصنع الصنيع نفسه حفني محمود شقيق محمد باشا محمود للأسباب نفسها التي أغضبت رشوان محفوظ، وكان أنصار حفني محمود حوالي عشرة نواب، وهكذا يفقد أبي قرابة خمسة وعشرين صوتا ولم يكن محتاجا إلا لأحد عشر صوتا لينجح.
وهكذا شاء الله أن يسيء حسن صبري باشا إلى أبي حيا وميتا، حيا حين رفض أن يزامله في الوزارة، وميتا حين تسبب موته في انسلاخ ما يقرب من خمسة وعشرين صوتا عن انتخاب أبي لرئاسة مجلس النواب.
كان محمد باشا محمود على قيد الحياة أثناء هذه الانتخابات، ولكنه كان مريضا لا يترك غرفته، وقد زاره أبي وأبدى الرجل العظيم أسفه لتفتت كلمة الحزب وكان أكبر أسف الزعيم النبيل الذي اشتهر بهذا اللقب ما فعله أخوه حفني وما فعله قريبه رشوان محفوظ، ولكن أبي قال له ليخفف عنه سخطه على الحزب: إن الانتخابات قد جرت في غيبة الزعيم، وحين تسترد صحتك إن شاء الله ستعود وحدة الحزب وسيسترجع تماسكه.
وشاء الله أن يختار محمد باشا محمود إلى جواره، وانقسم الحزب حول الرئيس الجديد، حول من يختاره خليفة للزعيم الراحل، منهم من كان يؤيد مصطفى باشا عبد الرازق وعلى رأسهم أحمد باشا عبد الغفار لصلته الوثيقة بأسرة عبد الرازق وبحجة أن هذه الأسرة قد ضحت باثنين من زعمائها في سبيل الحزب.
والفريق الآخر كان يؤيد الدكتور محمد حسين هيكل باشا مرتئيا أنه أكثر خبرة بالحياة السياسية من مصطفى باشا الذي عرف عنه العزوف عن المجادلة أو المصاولة.
وأنت ترى كم كان كل مرشح من المرشحين يمثل قمة في الثقافة العربية وواجهة مشرقة مضيئة لمصر حتى يومنا هذا.
على أيه حال رأى الحزب أن يلجأ إلى عبد العزيز باشا فهمي يرجوه أن يقبل الرئاسة لفترة قصيرة حتى يستقر الحزب على واحد من المرشحين العلمين.
Bilinmeyen sayfa