128
ومما أخرجه الجند الثائرون في الشدة العظمى فسطاط ضخم جدا كان يسمى المدورة الكبرى، محيطه خمسمائة ذراع، وعدد قطع قماشه أربع وستون قطعة، نقش عليها شيء كثير من رسوم الحيوانات وشتى الزخارف والأشكال،
129
وكان هذا الفسطاط قد صنع للوزير اليازوري، واشتغل في صنعه مائة وخمسون صانعا وفنانا، وبلغت نفقته ثلاثين ألف دينار واستغرق إتمامه مدة تسع سنين.
130
وكان اليازوري قد أمر بعمل هذا الفسطاط على نسق فسطاط آخر،
131
كان الخليفة العزيز بالله قد أمر بصنعه لنفسه، وأرسل إلى ملك الروم في طلب عمودين له.
ومن نفائس ما نهب من خزائن الخيم مضرب الخليفة الظاهر، وكانت أعمدته وقوائمه من البلور أو الفضة، وقماشه منسوجا بخيوط الذهب، ونفقة إتمامه أربعة عشر ألف دينار، ومنها فسطاط كبير آخر صنعه بحلب أبو الحسن علي بن أحمد، المعروف بابن الأيسر في منتصف القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)، وبلغت نفقة صنعه ونقشه ثلاثين ألف دينار، ونقل المقريزي أن عموده كان أطول من صواري الروم البنادقة، وأنه كان يحتاج إلى مائتي رجل لنصبه وإعداده.
ومهما يكن من شيء، فإن وجود هذا العدد الكثير من الخيم في خزائن الفاطميين أمر يسهل تصوره إذا تذكرنا ما كتبه ابن خلدون في المقدمة ، فقد قال هذا الفيلسوف الاجتماعي الكبير: «اعلم أن من شارات الملك وترفه اتخاذ الأخبية والفساطيط والفازات من ثياب الكتان والصوف والقطن، بجدل الكتان والقطن فيباهي بها في الأسفار، وتنوع منها الألوان ما بين كبير وصغير على نسبة الدولة في الثروة واليسار.»
Bilinmeyen sayfa