وقبل أن يتقدم بجيشه نحو اليمامة يسعى قبل كل شيء لاستمالة التميميين الذين التجئوا إلى مسيلمة وأخرج جماعة سجاح من ميدان العمل، ولما ظفر ببني حنيفة لم يتردد في عقد الصلح معهم على أساس التساهل برغم مخالفة رؤساء الأنصار والمهاجرين له، ودون أن يعمل بأمر الخليفة الصريح. وقد ذكرنا مجمل الأسباب التي ألجأت خالدا إلى ذلك، ولخالد مواقف تدل على استعماله الشدة واللين تبعا لمقتضى الحال.
ثانيا: الاستطلاع:
لقد عني خالد بالاستطلاع في جميع حركاته، وقبل تقدمه نحو بزاخة يوفد قوة استطلاع بقيادة عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم، وفي حركاته على بني تميم يوفد أمامه السرايا للتجسس والاستطلاع، أما في حركات اليمامة فيرسل مكنف بن زيد الخيل وأخاه ليتسقطا الأخبار، وكان في جميع حركاته على اتصال مستمر بالخصم الذي يريد أن يضربه؛ للاطلاع على شئونه والقيام بالحركة في الوقت الملائم.
ثالثا: المطاردة:
من الأسس التي اعتمدها خالد في حركاته القيام بالمطاردة بعد المعركة، وقد يختلف في أسلوب مطاردته عن الأسلوب الشائع الآن، وهو يتطلب سوق أقصى قوة في اليد لتقطع خط الاتصال على العدو المنسحب، أما خالد فكان يوفد السرايا في اتجاهات مختلفة للتفتيش عن العدو المنهزم والقضاء عليه أينما وجدته. فالعدو بعد انكساره ينسحب إلى محل معين كما هو شأنه اليوم؛ وذلك لأن الحياة في البادية تساعد المنهزمين على الالتجاء إلى أحياء مختلفة، هكذا كان عمله بعد معركة عقرباء، فلم يشأ أن ينازل الحصون؛ بل أوفد السرايا لتلتقط من كان خارج الحصون.
رابعا: الإبداع:
لم يتأخر خالد لحظة في استعمال إبداعه الذاتي حين تطلب الموقف ذلك، وهو يشذ عن الأوامر الصادرة إليه متى رأى الفرصة سانحة للعمل بمخالفة الأوامر؛ فتراه بعد أن أنهى أمر بني أسد في بزاخة واطلع على أحوال بني تميم وتأكد أن الفرصة سانحة للتقدم أمر جيشه بالحركة، برغم الأوامر الصادرة إليه والقاضية بألا يتقدم من محل إلى محل آخر قبل أن يتلقى أمر الخليفة، فالأنصار يذكرونه بأمر الخليفة الصريح إلا أن خالدا يقول لهم إنه هو الأمير وإليه تنتهي الأخبار، وإن لم يأته أمر من الخليفة لا يريد أن يضيع الفرصة ما دام مالك بن نويرة حياله وبطون بني تميم نافرة منه.
خامسا: التنظيم:
اتضح لنا من حركات خالد أنه ينظم جيشه، ويقسمه إلى أقسام، ويعين لكل قسم قائدا، ويعرض الجيش بنفسه قبل أن يتحرك؛ ففي ذي القصة ينظم جيشه قبل الحركة، وفي البطاح ينظمه ويعين لكل قسم منه قائدا، وقبل القتال يجعل على كل قسم من نظام القتال قائدا خاصا، وبعد انكسار المسلمين في عقرباء ودخول الأعداء الفسطاط يغير خالد تعبئة الجيش فيضع أهل القرى في جانب وأهل البادية في جانب آخر للأسباب التي سبق ذكرها.
سادسا: حشد القوات:
Bilinmeyen sayfa