وفي جريدة «أخبار اليوم» (6 تموز (يوليو) 2002 ص15) تحت عنوان «نبت الجريمة» نقرأ قصة الفتاة «سلوى» التي اغتصبها رجل وحملت منه واضطرتها أسرتها للزواج منه حتى لا تجلب العار لأشقائها وأمها، ولكن بعد شهرين فقط هرب الزوج تاركا لها ورقة الطلاق، وتحملت سلوى الجرائم الثلاث: الاغتصاب ثم الزواج ثم الطلاق، وكان من الطبيعي أن تكره الرجل والجنين الذي منه، فأقدمت على قتل مولودها، وأحيلت سلوى إلى النيابة التي قررت حبسها وتقديمها للمحاكمة العاجلة بتهمة «القتل». وقد اتهمت سلوى بأنها فاقدة «الأمومة» أيضا، فكيف تقتل أم طفلها أو طفلتها؟ وتغنى الكثيرون ب «الأمومة»، أما «الأبوة» أو مسئولية ذلك الرجل الذي اغتصبها، ويقولون إنه تزوجها وطلقها حسب القانون والشرع، فهو إذن بريء، أما هي فتستحق الإعدام؟
وكم من الأمثلة التي نشهدها كل يوم من هذا النوع، والتي تكشف لنا عن مدى الفساد الأخلاقي أو الازدواجية الأخلاقية التي تسود في مجتمعاتنا تحت اسم القانون، وكم من محاولات لتعديل مثل هذا القانون، إلا أن غالبية القيادات الدينية تقف ضد أي تعديل للقانون تحت اسم الشريعة أو الثوابت أو حسب مبدأ «لا اجتهاد مع النص».
والسؤال الآن هو: أين ذلك النص الذي يبيح هذه الازدواجية الأخلاقية؟!
دراسة القرآن تؤكد أن هذا النص غير موجود، وعلى رجال الدين في بلادنا أن يقولوا لنا أين هذا النص وماذا يقول؟ إن هذا هو التحدي الذي أمامهم الآن. (نرجو إخراج هذا النص إلى الوجود أيها السادة، إن استطعتم!)
وسؤال آخر: إذا كان تعدد الزوجات من الثوابت غير القابلة للتغيير، فلماذا تم تعديل القانون في عدد من البلاد الإسلامية، وألغى تعدد الزوجات تماما، وكذلك حق الطلاق إلا أمام القاضي ولسبب معقول، وليس لمجرد النزوة الجنسية أو الخيانات الزوجية والزنا.
على رغم الدراسات الاجتماعية المتعددة، والتي كشفت عن مآسي النساء المطلقات في المحاكم، وتشريد الأطفال وتفكيك الأسرة بسبب تعدد الزوجات أو ضربهن، أو هجرانهن أو مجرد التخلي عن مسئولية الأبوة، على رغم كل ذلك فإن قانون الأسرة أو قانون العقوبات لم يعدلا بالقدر الكافي الذي يعاقب الرجل الذي يتخلى عن مسئولية الأبوة.
لا تزال القيم الاجتماعية والتعليمية والإعلامية في بلادنا قائمة على تحميل المرأة وحدها المسئولية تحت اسم «الأمومة» المقدسة العظيمة.
أما «الأبوة» فهي لا تزال قاصرة أو محدودة بالاتفاق، أو غائبة تماما في ما يخص المسئولية والأخلاق.
ونحن نشهد اليوم حملة كبيرة للنهوض بالتعليم في مصر، وهل ينفصل التعليم عن التربية؟ وهل تقوم التربية الصحيحة على شيء آخر إلا المسئولية الأخلاقية؟ (2) تتحمل المرأة وحدها في بلادنا مسئولية الأخلاق؟
لأن الرجل لا يعيبه إلا جيبه، ولأنه يستطيع أن يخون ويزني ويظل شريفا بريئا، وهذا هو الدليل على انعدام الأخلاق في بلادنا.
Bilinmeyen sayfa