196

Kashif Amin

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

فصل في الكلام في أن الله تعالى لا يشبه الأشياء

ولا يجوز عليه ما جاز عليها من الزيادة والنقصان والعدم والبطلان.

اعلم أولا أن بين المشابهة والمماثلة عموم وخصوص.

فالمشابهة: اتفاق الذاتين في صفة من صفات الذات مع الاتفاق في الوجه الذي اشتركا فيها لأجله.

والمماثلة: الاتفاق في كل الصفات.

لذلك قلنا: مع الاتفاق في الوجه الذي اشتركا فيها لأجله، للاحتراز عن نحو قادر وعالم وحي وغيرها مما يتصف به الباري تعالى ويتصف به المخلوق، فإن ذلك لا يوجب المشابهة لأنها تثبت للباري تعالى لذاته كما مر، وفي المخلوق لأجل المعنى القائم به كالقدرة والعالم والحياة، قلنا: في أول الحد في صفة من صفات الذات، للاحتراز عن صفات الفعل فلا مشابهة بها، فالمشابهة أعم لأنها تكون بصفة من صفات الذات أو بكل صفات الذات، والمماثلة أخص لأنها لا تكون إلا بكل صفات الذات، فمن ثمة يقال في المثلين: هما كل معلومين يسد أحدهما مسد الآخر، ولا يقال في المتشابهين كذلك، ففي قوله تعالى: {ليس كمثله شيء } [الشورى:11]، نفي الأمرين معا المشابهة والمماثلة، ولعل أن ذلك هو السر في الجمع بين الكاف ولفظة المثل لينتفي الجميع، والله أعلم.

قال عليه السلام: [ فإن قيل: ] لك أيها الطالب الرشاد [ أربك يشبه الأشياء ؟ فقل: ربي لا يشبه الأشياء، ] فليس بجسم ولا عرض ولا جوهر، وهذا مذهب جميع العترة الطاهرة ومن وافقهم من الزيدية والإمامية والمعتزلة والأشعرية والخوارج وكثير من الفرق الداخلة في الإسلام والخارجة عنه، والخلاف في ذلك مع المجسمة الحشوية والكرامية والنصارى.

أما الحشوية فقالوا: إنه تعالى جسم كسائر الأجسام له أعضاء وجوارح. تعالى الله عن ذلك.

وأما الكرامية: فمنهم من يقول: إنه جسم لا كالأجسام - أي ليس بطويل ولا عريض ولا عميق - فخلافهم في اللفظ دون المعنى.

Sayfa 220