وذكر مثله أبو علي الجياني كما نقله عنه القاضي عياض (١).
وقال أبو عبد الله ابن المواق متعقبًا الجياني وعياضا بأن هذا الحمل ليس بينًا ولم يصرحا به (٢).
والذي يظهر -والله أعلم- أن الشيخين لم يصرحا بما سبق ذكره، وواقع كتابيهما لا يؤيد ذلك لأن أول حديث في صحيح البخاري وهو "إنما الأعمال بالنيات" وآخر حديث فيه "كلمتان خفيفتان" وهما فردان غريبان، باعتبار المخرج، بل في الصحيحين ما يزيد على مائتي حديث من الغرائب مما انفرد به الراوي في طبقة من الطبقات.
إذًا اشتراط العدد لرواية الحديث عن الراوي أو للرواية المطلقة عنه في أحاديث الصحيحين ليست صحيحة، ويؤيد ما قلت وجود بعض الصحابة الذين أخرج الشيخان لهم ممن ليس له إلا راو واحد (٣).
تسمية البغوي لكتابه
إن البغوي لم يذكر تسمية مستقلة لكتابه هذا، إنما وصف أحاديثه بقوله:
أما بعد: فهذه ألفاظ صدرت عن صدر النبوة، وسنن سارت عن معدن الرسالة، وأحاديث جاءت عن سيد المرسلين، وخاتم النبيين، هن مصابيح الدجى، خرجت من مشكاة التقوى ........
وهذا مجرد وصف، وليست تسمية، ولذا اختلفت أقوال العلماء في تسميته: فأكثر العلماء اقتصروا على تسميته بالمصابيح منهم:
ابن خلكان، وابن الصلاح، والطيبي، وأبو الفداء، والنووي، والذهبي، وزين العرب، والصفدي، والعلائي، والتاج السبكي، والمؤلف، وابن حجر،
_________
(١) تدريب الراوي (١/ ١٣٥).
(٢) تدريب الراوي (١/ ١٣٥).
(٣) مثل حديث مرداس الأسلمي عند البخاري (٦٤٣٤) وحديث المسيب بن حزن في الصحيحين البخاري (١٣٦٠) وفي مسلم (٢٤) مع أنه ليس لهما إلا راو واحد.
1 / 14