والبيضاوي (١).
ولكن الحافظ أبو بكر الحازمي في "شروط الأئمة الخمسة" (٢) رد هذا الرأي وقال: إِن اختيار البخاري ومسلم إخراج الحديث عن عدلين إلى النبي ﷺ فهذا غير صحيح طردًا وعكسًا، وقال: لو استقرأ الكتاب -أي كتاب البخاري- حق استقرائه لوجد جملة من الكتاب ناقضة عليه دعواه.
وقد دافع ابن الأثير عن دعوى الحاكم هذه، وقال عنه: إنه كان عالمًا بهذا الفن، خبيرًا بغوامضه، عارفًا بأسراره، وما قال هذا القول، وحكم على الكتابين بهذا الحكم، إلا بعد التفتيش والاختبار، والتيقن لما حكم به عليهما، ثم قال: على أن قول الحاكم له تأويلان:
أحدهما: أن يكون الحديث قد رواه عن الصحابي المشهور بالرواية راويان، ورواه عن ذينك الراويين أربعة، عن كل راو راويان، وكذلك إلى البخاري ومسلم.
والثاني: أن يكون للصحابي راويان، ويروي الحديث عنه أحدهما، ثم يكون لهذا الراوي راويان، ويروي الحديث عنه أحدهما، وكذلك لكل واحد ممن يروي ذلك الحديث راويان، فيكون الغرض من هذا الشرط تزكية الرواة، واشتهار ذلك الحديث بصدوره عن قوم مشهورين بالحديث. والنقل عن المشهوربن بالحديث والرواة، لا أنه صادر عن غير مشهور بالرواية، والرواة، والأصحاب (٣).
وأشار إلى ذلك البيهقي بقوله (٤): إن البخاري ومسلمًا لم يخرجا في الصحيحين حديث الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلا راو واحد.
_________
(١) شرح البيضاوي للمصابيح (٣/ ١).
(٢) ص ٣٧. وقال: وقد صرح بنحو ما قلت من هو أمكن منه في الحديث وهو أبو حاتم ابن حبان البستي.
(٣) جامع الأصول (١/ ١٦٢).
(٤) السنن الكبرى (٤/ ١٠٥).
1 / 13