وقال النووي (١): وأما تقسيم البغوي أحاديث المصابيح مريدًا بالصحاح ما في الصحيحين، وبالحسان ما في السنن، فليس بصواب، لأن في السنن: الصحيح والحسن والضعيف والمنكر.
وممن ردّه أيضًا: ابن كثير (٢) والطيبي (٣) والعراقي (٤) وغيرهم.
وفي المقابل قبل بعض العلماء هذا الاصطلاح ودافعوا عنه، فقال التبريزي (٥): ولا أزال أتعجب من الشيخين -يعني: ابن الصلاح والنووي- في اعتراضهما على البغوي، مع أن المقرر أنه لا مشاحة في الاصطلاح. وقد أيد التبريزي على قوله هذا الحافظ ابن حجر (٦) فقال: ومما يشهد لصحة كونه أراد بقوله الحسان اصطلاحا خاصا له، أن يقول في مواضع من قسم الحسان: هذا صحيح تارة، وهذا ضعيف تارة، بحسب ما يظهر له ذلك. وقال الكافيجي (٧): ثم إن تقسيم البغوي حديث المصابيح إلى صحاح، وحسان، تقسيم يستحق القبول لا الرد، وإن كان مخالفا لما اشتهر عندهم، فإن ذلك اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح. وهذا هو الراجح.
مراد البغوي بالأحاديث الصحاح والحسان
قال البغوي (٨): فالصحاح منها ما أورده الشيخان البخاري ومسلم في كتابيهما الصحيحين، وشرطهما مراعاة الدرجة العليا في الصحة، وهو أن يكون الحديث يرويه الصحابي المشهور بالرواية عن النبي ﷺ، ولذلك الراوي الصحابي ثقتان من التابعين، ثم يرويه التابعي المشهور بالرواية عن الصحابة، وله راويان من
_________
(١) التقريب والتيسير (٣٠).
(٢) الباعث الحثيث (٢١).
(٣) الخلاصة (٤٦).
(٤) التقييد والإيضاح (٥٨).
(٥) انظر: تدريب الراوي (١/ ١٨٠).
(٦) قاله بعد أن ذكر قول التبريزي انظر: النكت (١/ ٤٤٥ - ٤٤٦).
(٧) المختصر في علم الأثر (١١٤) وانظر أيضا: المقنع في علوم الحديث (١/ ٩٧).
(٨) المصابيح ١/ ٣٠٥، وقد أورده في آخر المجلد الأول بتجزئته هو أي بعد فراغه من كتاب المناسك.
1 / 11