الأحكام على نهج يستحسنه الفقيه، فوضع الترغيب والترهيب على ما يقتضيه العلم، ولو فكر أحد في تغيير باب عن موضعه لم يجد له موضعًا أنسب مما اقتضى رأيه (١).
تقسيم البغوي لأحاديث كتابه
قسم البغوي أحاديث كتابه إلى قسمين: صحاح وحسان، فبعد كل ترجمة يذكر بابا يعنونه بقوله: ومن الصحاح، ثم يورد تحته ما في الصحيحين ثم بعد إيراده لأحاديثهما تحت هذا العنوان، يتبعه بعنوان آخر: ومن الحسان.
وقد نص على ذلك في مقدمة كتابه، فقال: وتجد أحاديث كل باب منها تنقسم إلى صحاح، وحسان (٢) أعني بالصحاح: ما أخرجه الشيخان، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري -رحمهما الله- في جامعهما، أو أحدهما، وأعني بالحسان: ما أورده أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، وغيرهما من الأئمة في تصانيفهم ﵏ وأكثرها صحاح بنقل العدل عن العدل، غير أنها لم تبلغ غاية شرط الشيخين في علو الدرجة، من صحة الإسناد، إذ أكثر الأحكام ثبوتها بطريق حسن، وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه، وأعرضت عن ذكر ما كان منكرًا، أو موضوعًا.
وقد انتقد البغوي في تقسيم أحاديث الكتاب إلى صحاح وحسان، وفق الاصطلاح الذي اتخذه:
فقال ابن الصلاح (٣): ما صار إليه صاحب المصابيح من تقسيم أحاديثه إلى نوعين: الصحاح والحسان، مريدًا بالصحاح ما ورد في أحد الصحيحين .. فهذا اصطلاح لا يعرف، وليس الحسن عند أهل الحديث عبارة عن ذلك.
_________
(١) البضاعة المرجاة ٥٨.
(٢) المصابيح ١/ ١١٠، ٢/ ٣٠٥.
(٣) مقدمة ابن الصلاح (٣٧).
1 / 10