Kaç Yaşında Öfke?: Hikil ve Arap Zihninin Krizi
كم عمر الغضب؟: هيكل وأزمة العقل العربي
Türler
إن هناك جدلا ضخما، يثيره هيكل في هذه الأيام، حول الإدارة السياسية لحرب أكتوبر، ويرى فيه أن هذه الحرب، التي حققنا فيها إنجازا عسكريا جيدا بجميع المقاييس، لم تكن نتائجها السياسية على مستوى الأداء العسكري فيها على الإطلاق، والنقطة الأساسية التي يثيرها هيكل في هذه الأيام، هي أنه كان من الممكن تطوير الحرب حتى الممرات على الأقل منذ الأيام الأولى؛ مما يعطينا مركزا تفاوضيا أقوى بكثير، وفضلا عن ذلك فقد كشفنا أوراقنا للعدو في مراسلات سرية دارت منذ اليوم الثاني للحرب، اعترفنا فيها بأن هدفنا من الحرب محدود، وبأننا لن نعمق الصراع أو نوسع جبهاته؛ مما أتاح لأمريكا، ولهنري كيسنجر بوجه خاص، فرصة معرفة خططنا النهائية مقدما واستغلالها لصالح إسرائيل.
21
وفي تصوري أن الجدل حول هذا الموضوع كله، بالصورة التي طرحها هيكل، جدل عقيم؛ ذلك لأن هيكل يفترض أن كيسنجر لم يعرف النوايا المصرية من الحرب، إلا عن طريق تلك المراسلات السرية، ومن هنا فإنه يوجه اللوم إلى من كتبها، وإلى من أعطى الأوامر بكتابتها، على حين أن كاتبها يدافع عن نفسه بحرارة ضد اتهامات هيكل بشأن هذه المراسلات، وحقيقة الأمر أن أمريكا تعرف نوايا الحرب المصرية منذ أمد بعيد، فهناك عوامل كثيرة كانت كلها كافية لمعرفة هذه النوايا: منها مثلا الصراع بين هيكل والجناح الآخر من الناصريين حول طبيعة الحرب المنتظرة، ومنها الاتجاه الكامل للدبلوماسية المصرية في عهد السادات خلال السنوات السابقة للحرب، ومنها طرد الخبراء السوفييت والسعي إلى مزيد من التقارب والتفاهم مع أمريكا، كل هذه التطورات لم تكن تؤدي بأي حال إلى قيام حرب تحرير شاملة.
ولكن، لندع الاستنتاجات جانبا، ولنستمع إلى الأقوال الصريحة والمباشرة، فطوال شهور فبراير ومارس وأبريل 1972م، كانت كتابات هيكل تركز على «الحل السياسي الذي تسانده قوة عسكرية لا الحل الدبلوماسي فقط، ولا الحل العسكري المطلق»، «لا بد أن نفهم أن الولايات المتحدة لن تتحرك - إذا تحركت - إلا تحت ضغط، وإلا فماذا يدفعها إلى الحركة؟ القوة العسكرية، نعم، ولكن ... وفقا لموازين العصر وفي إطار سياسي شامل.»
22
هكذا كان تصور هيكل للحرب هو أن هدفها التحريك، وتحريك من؟ الولايات المتحدة بالذات، ولماذا نبحث عن تحريك الولايات المتحدة، وليس أية دولة أخرى، كهدف للحرب؟ ألا يفترض هذا أن أمريكا تملك كل، أو معظم، أوراق اللعبة؟ هكذا يدل كلام هيكل بوضوح على أنه يشارك في الموقف السياسي لسياسة السادات في إدارة الصراع العربي الإسرائيلي.
ولنستمع إلى كلمات أصرح: «الحرب المسموح بها الآن، هي استعمال القوة المسلحة لهدف تتوافر له الشرعية الدولية، ويتوافر للطرف الذي سيحمل السلاح لتحقيق هذا الهدف تأييد إحدى القوتين الأعظم على الأقل، ثم يتوافر لهذا الطرف بقوته الذاتية وبما يتلقاه من أصدقائه طاقة لا شك فيها؛ لتحقيق هذا الهدف في إطار محدد أو محدود، ثم يكون القصد من تحقيقه هو التأثير في الوضع السياسي، معنى ذلك أنها حرب محدودة، محدودة الهدف.»
23
هل هناك ما هو أوضح من هذه العبارات في الدلالة على أن هدف الحرب المحدودة، لا الحرب الشاملة، كان مرسوما مقدما، وأن هيكل كان مشاركا في التخطيط لهذا الهدف والترويج له؟
ومع ذلك، فهناك ما هو أصرح حتى من هذا الكلام: «ليكن أن مصر تشعر أن طاقتها تحتمل أن تحرر بالقوة المسلحة ولو مائة كيلومتر مربع فقط من أراضيها ... وإذا كانت مصر دقيقة في حساباتها، فإنها سوف تنجح في تحقيق ما تريد، وسوف تحرر بالفعل هذه المائة كيلومتر مربع من أراضيها، وسوف تحتفظ بها في وجه أية هجمات مضادة من العدو، وهذا يغير صورة الأزمة كلها، ويفتح الباب لتطورات مباشرة أخرى في مجرى الصراع .»
Bilinmeyen sayfa