Kaç Yaşında Öfke?: Hikil ve Arap Zihninin Krizi
كم عمر الغضب؟: هيكل وأزمة العقل العربي
Türler
إن مستوى الوعي السياسي هو الذي يهم في الموضوع كله؛ فها هو ذا إنسان لا بد أنه سافر مرارا إلى الخارج، وقرأ ذلك الكم الرهيب من «الشر والقذف» الذي تحتشد به صحف حزب العمال ضد تاتشر أو صحف الديجوليين ضد ميتران، ورأى نماذج لا حصر لها للمعارضة القاسية الضارية، التي تتقبلها الحكومات بكل ترحيب، ومع ذلك فهو لا يقبل لبلده إلا أسوأ نموذج؛ ذلك الذي يكون فيه الحاكم مانحا للحرية، والمعارض الناقد معتديا أثيما.
أنقول إنها عقلية عصر الانفتاح، منعكسة على ضمائر أقطاب العهد؟ أنقول إن الطبيب الكبير يدافع عن عهد، يتيح له أن يتقاضى عن المريض الواحد، في كشف يستغرق دقائق قليلة، مقدار ما يتقاضاه خريج الجامعة الحديث، إذا عين موظفا حكوميا، ليعيش به في شهر كامل؟ لست أدري، وكل ما أعرفه هو أنها محنة فكرية، قبل أن تكون أزمة في الضمائر.
ثالثا وأخيرا:
فإن النموذج الثالث، الذي يقدم إلينا حديثا متخيلا بلسان السادات، يكرر بلا مواربة أفكار النموذج الثاني عن الحاكم من حيث هو «ولي النعم»، ويقدم مجموعة غريبة من الأحكام لا تصدر إلا عن شخص يفترض أن قراءه قد ألغيت عقولهم وحرموا حاسة الفهم، يؤمن بأن قارئه قد نسي تماما، أن عهد السادات كان فيه أيضا زوار للفجر، وأن كثيرا من القضايا السياسية قدمت فيه بناء على شهادة أجهزة تجسس وتنصت، وأن سيادة القانون كانت تخرق حتى على مستوى أعضاء مجلس الشعب، ولكنه يستدرك بعد ذلك، فيستخدم لغة «الآباء والأبناء» في وصف حركة اعتقالات سبتمبر 1981م، ويصور المسألة كما لو كان الأب الحنون، كبير الأسرة الواحدة، قد اضطر متألما إلى أن يكون صارما مع بعض أبنائه من أجل صالحهم.
إن جرأة الإعلام على التزييف والمغالطة، حين تصل إلى هذا الحد، فلا بد أن يكون في الأمر كله خطأ فادح، صحيح أن الإعلام في العالم كله يبالغ، ويخرج عن الحقائق هنا وهناك، غير أن ثمة حدا أدنى من الاحترام لعقول الناس، ولكن هذا الحد الأدنى لا أثر له للأسف، في إعلام عهود الحكم الفردي المطلق، ومن ثم فإن الكاتب يستبيح لنفسه أن يلوي الحقائق كما يشاء، ما دام يؤمن بأن عقول الناس قد ألغيت منذ أمد بعيد.
ومع هذا كله، فإن هناك ما هو أفدح وأخطر، وأعني به الحديث المتكرر عن «نبش القبور»، والسؤال الذي أصبح التفكير السياسي القاصر في هذه الأيام؛ يطرحه كما لو كان قضية بالغة الأهمية، وأعني به: هل ينبغي أن ينقد الحاكم حيا أم ميتا؟
لقد رأينا في النماذج الثلاثة السابقة إشارات متكررة إلى استنكار الهجوم على الحاكم بعد موته، ولكن لا بد أن نقدم نماذج أخرى لهذا الاستنكار، حتى يدرك القارئ مدى انتشار هذا اللون من التفكير؛ فالكاتب موسى صبري، وهو من أكبر الدعاة الساداتيين، يتحدث حديثا طويلا عن «حرمة الموت والموتى»، وعن «نبش القبور» و«انتهاك الحرمات»،
4
ولكن الأخطر من ذلك بيان نقابة الصحفيين في مصر تعقيبا على كتاب هيكل: «إن ما نشر يعد اعتداء على حرمة الموتى وتعرضا لحياتهم الخاصة ومخالفا لتقاليد المجتمع الدينية والأخلاقية.»
ولقد استنكر هيكل - وكان على حق في ذلك - استخدام رهبة الموت وقدسيته، من أجل تبرئة الحكام وإبعادهم عن النقد، فقال: «ومع ذلك فمن المصريين من يطالب بمصادرة حقنا في أن نناقشه، هل من المعقول أن يأتي كل حاكم ويفعل ما يشاء، ثم يذهب فلا نناقشه في حياته، ولا نناقشه بعد مماته؟ أهذا معقول؟»
Bilinmeyen sayfa