Felsefi Kökler Yapısalcılık
الجذور الفلسفية للبنائية
Türler
ولكي تحقق العلوم الاجتماعية هدف الموضوعية هذا، لا بد لها من أن تشيد لنفسها لغة مجردة تعمل بها على تفسير عالم الحياة اليومية، بدلا من أن تتحدث بلغة هذا العالم ذاته. على أن كل منهج يعتمد في دراسته للإنسان على التجربة الحية، أو الوعي العلمي، يتقيد بهذه اللغة اليومية، أي إنه يظل متعلقا بالمظاهر بدلا من أن يصل إلى جوهر الظواهر الإنسانية.
ومن هنا كانت البنائية تستهدف الانتقال من بحث المظاهر الخارجية إلى ما تطلق عليه الفلسفة الكلاسيكية اسم «الماهيات»، وبذلك تتوصل إلى المعقولية الكامنة من وراء التجربة العينية المعاشة. وعلى ذلك فإن البناءات لا تعدو أن تكون تلك المجردات التي تتوصل بها إلى المعقولية في فهم الظواهر الإنسانية، أي إنها أنساق للمعقولية
systèmes d’intelligibilité .
7
فعلم اللغة البنائي هو الهيكل الفكري أو التصوري الذي أمكن بفضله جعل اللغات الفعلية معقولة. ومفهوم اللاشعور هو الإطار الفكري الذي جعل من الممكن إضفاء مزيد من المعقولية على ممارسات الإنسان وسلوكه. وأنساق القرابة تضفي معقولية على الظواهر المعاشة في المجتمعات البدائية. والبناء الأساسي لعلاقات الإنتاج هو التصور الذي أصبحت بفضله ممارسات المجتمع، في نطر ماركس، معقولة. ومن المؤكد أن سعى البنائية إلى تحقيق المعقولية في كل هذه الميادين، التي كانت خاضعة لمفاهيم غير علمية تغذيها نزعة إنسانية تعتمد على «التجارب المعاشة»، وعلى المظاهر الخارجية لسلوك الإنسان. هذا السعي إلى تحقيق المعقولية لا يحد من حرية الإنسان، ولا ينطوي على إنكار لتصور الإنسان، إلا في ظل مذهب يسيء فهم النزعة الإنسانية فحسب.
ولكن من حقنا، بعد هذا كله، أن نتساءل: هل يظل معنى النسق واحدا في حالة البناء الرياضي، وفي حالة البناء الإنساني الاجتماعي؟ هل يكون من المشروع تشبيه النسق الذي يجمع بين أطراف واقعية ملموسة، كنظام القرابة أو علاقة الإنتاج، بالنسق الذي تكون أطرافه تجريدات عقلية خالصة؟ وهل يوافق العلم على هذا التشبيه؟ يبدو أن «دوفرين
M. Dufrenne » كان على حق حين قال إن البنائيين وقعوا في خطأ كبير حين تصوروا أن معنى النسق واحد في الحالتين، وأن هذا الخطأ راجع إلى أنهم، بقدر ما أرادوا التشبه بالعلم، لم يكونوا علماء بالمعنى الصحيح؛ ولذلك كان هناك قدر من الصواب في عبارته الساخرة التي أطلقها على فلسفة البناء أو النسق: «أن فلسفة النسق هي فلسفة للعلم وضعها أناس لم يمارسوا العلم.»
8
ولكن في العبارة أيضا قدرا من الخطأ؛ إذ إن من يضع فلسفة للعلم لا يتعين عليه أن يكون ممارسا للعلم. وكل محاولات «تأسيس» العلم في الفلسفة تدخل في هذا المضمار.
على أن السؤال الأكبر هو: هل يقنعنا دفاع البنائية عن نفسها، كما عرضنا نماذج رئيسة له من قبل، بأن البنائية لم تتجاهل الإنسان بالفعل، ولم تضع مفهوم البناء أو النسق بوصفه قوة عقلية شبه دكتاتورية، تفرض نفسها سواء شاء الإنسان أم لم يشأ؟
Bilinmeyen sayfa