Yeniler ve Eski Olanlar: İncelemeler, Eleştiriler ve Tartışmalar
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
Türler
تلك أيام «وهيدي بدالها» يا مارون.
سمعت حديثك في راديو الشرق فعرفتك، أرشدني إليك ما في صوتك من بحة وصحل لا أزال أذكرهما - ماركة مسجلة - فبقيت أسمع حتى انتهت كلمتك عن مي - الله يساعدها - وأعلن المذيع أنك أنت هو، ذلك المارون الذي كنا نحب قوارص كلامه كالنساء اللواتي يستطيبن اللطم والضرب، أسمعت بهن؟ يظهر مما أقرأ لك أنك بكل شيء عليم، الحمد لله على هذه النعمة.
قد طال الحديث وأتصورك كعادتك سئمت، وقلت: أيش بدك يا خيي! قل وحل عني.
ألومك يا مارون؛ لأنك نبشت قبر مي، وشرحت تلك المستورة على قارعة الطريق، أليس الراديو مثل قارعة الطريق وأكثر؟ ما كنت ألومك لو لم تأت ما نهيت عنه، أما لمت الكاتب الكبير ميخائيل نعيمة حين تحدث عن حب جبران لميشلين، وما كان بينهما من علاقات؟ أليست هذه كتلك؟ ماذا تهم الأدب هذه النواحي، أليست عيوبا يجب أن تغطى، فالإنسان ضعيف، وما خلق إلها كاملا منزها عن كل عيب وضعف.
الإمضاء «ب. ع» «ب. ع» نصف بعبع، من هذا؟ لست أدري، جمعت قوى ذاكرتي واستعنت بدفاتري، وانتظرت الفرصة انتظار القارم اللحم والصائم بيضة العيد، فقرأت كتابي الجوائز لسنتي 905 و906 من الجلد إلى الجلد، فلم أوفق إلى شخص عرفته وعرفني في مدرسة الحكمة يبتدئ اسمه واسم أسرته بهذين الحرفين.
ذكرني هذا الرفيق بأيام «البنوتية» التي لا أنساها، وأحس أنني أحياها وأنا أزاحم الستين، فلم أبلغ بعد الساعة التي أقول فيها مع أبي نواس: «وأراني أموت عضوا فعضوا»، وأظنني لا أبلغها.
اسمع أيها الصديق «الحشري»، أتألم ألم الأستاذ ميخائيل نعيمة؛ لأنه قال: إن جبران بشري أحب كما يحب الناس، ويشرب كما يشرب عبيد الله، وجمع من حطام الدنيا مثلما يجمع معظم الخلق. وهل أنا مجنون لأعتقد أن جبران لا يعيش باللحم والدم كسائر الناس؟
لا أشك أبدا في أن دم جبران حار جدا، وإن زعمت غير ذلك فرسومه تكذبني، إن تياراته الفكرية في أدبه وفنه تتجه دائما صوب الحب الذي يراه الحياة كلها، ومن قرأ أول حرف وآخر حرف مما كتبه جبران - حتى يسوع ابن الإنسان - رأى «الحب» كنجمة القطب وإليها تتجه سفينة جبران.
ولست أشك أيضا في أن حياة الأديب الفيلسوف ميخائيل نعيمة أقرب إلى الصالحين المتعففين، وإن حياة جبران أقرب إلى الوثنية اللبنانية العريقة منها إلى المسيحية الطارئة، ولكن هذا لا يدعو إلى تلك «الزحمة» الكبيرة التي صرف إليها نعيمة همه، بدلا من أن يدرس أدب جبران درسا جامدا وعلى ضوء لا يترجرج ولا يتذبذب.
أنا لم أكتب حرفا بعد عن كتاب نعيمة في جبران، وإن كان في نظري على علاته خير ما كتب عن جبران، ما أبطأت عن ذلك إلا لأنني سأتكلم عن مدرسة جبران وأثرها في أدبنا الحديث حين تتجمع لدي الوثائق الكافية فلا باس علينا من قول كلمة عابرة.
Bilinmeyen sayfa