208

لا يجوز له ذلك لأنه مأمور حينئذ أن يدخل في صلاة الإمام وهو معنى قوله " : " إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حاله فليصنع كما يصنع الإمام " ففي هذا الحديث الأمر بالدخول مع الإمام والأمر حقيقة للوجوب ولا دليل هنا للعدول به عن حقيقته وقوله " : " سن لكم معاذ " وفي رواية " سن لكم ابن مسعود سنة حسنة فاستنوا بها " ورواية الايضاح " سن لكم معاذ سنة حسنة فاصنعوا مثل ما صنع " حين ذكر له أن معاذا وابن مسعود جاءا بعد ما دخل في الصلاة فأحرم وتبع الإمام ثم قام يقضي ما فاته ولا يخفى ما في قوله " " فاستنوا بها " وما في قوله

" فاصنعوا مثل ما صنع " من الأمر بالدخول مع الإمام وقد عرفت أن الأمر للوجوب حقيقة قال القطب رحمه الله تعالى : وكان " هو وغيره يفعلون كمعاذ وفعله " للوجوب بقرينة الأمر المتقدم وما روي

عنه " أنه كان يأمر المسبوق أن يدخل على الإمام على أي حال كان وقوله " : " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " وفي رواية " فاقضوا " .

وقد يقال أنه لا دليل في هذا الحديث لأن الغرض منه إنما هو بيان كيفية فعلهم عند إتيانهم للصلاة وكيفية دخولهم مع الإمام فيجاب بأنه مع كونه بيانا لما ذكر لا ينافي كونه دليلا على المطلوب ومن هنا منع بعض أصحابنا تعدد الجماعات في الصلاة الواحدة في المسجد الواحد وذلك أنهم فهموا من سياق هذه الأحاديث أن العلة التي لأجلها وجب الدخول مع الإمام إنما هي طلب الائتلاف وقصد انتظام الشمل فمدركها مع الإمام إذا أخرها أشد تعرضا لتشتت الشمل ممن جاء بعد ما قضى الإمام صلاته .

Sayfa 224