مطلب سبب معرفة إبراهيم أساس البيت الحرام
وأن آدم لما حج حلق جبريل رأسه بياقوتة من الجنة فلما بوأ الله تعالى لخليله مكان البيت وأمره ببنائه بقوله تعالى: وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت (سورة الحج: 26) وقوله تعالى: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت (سورة البقرة: 127) الآيتين، أقبل من الشام وسنه يومئذ مائة سنة، وسن إسماعيل ست وثلاثون سنة. وأرسل الله معه السكينة والصرد والملك دليلا حتى تبوأ البيت الحرام، فقال لابنه إسماعيل عليه بالسلام: إن الله قد أمرنى أن أبنى له بيتا ، فقال له إسماعيل: وأين هو؟ فأشار إلى أكمة مرتفعة عليها رضراض من حصباء فقاما يحفران عن القواعد ويقولان: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم (سورة البقرة: 127) ويحمل إسماعيل الحجارة على رقبته وإبراهيم يبنى، فلما ارتفع البناء وشق على الخليل تناول الأحجار، قرب له إسماعيل المقام فكان يقوم عليه (1). وقد تقدم الكلام عليه مستوفى.
والصرد- بضم الصاد وفتح الراء المهملتين- طائر ضخم الرأس فوق العصفور يصيد العصافير. وقيل: إنه أول طائر صام لله. والسكينة: لها رأس كرأس الهرة وجناحان. وفى رواية كأنها غمامة أو ضبابة تغشى الأرض كالدخان فى وسطها كهيئة الرأس يتكلم، وكانت بمقدار البيت، فلما انتهى الخليل (صلوات الله عليه) إلى مكة وقفت فى موضع البيت ونادت يا إبراهيم، ابن على مقدار ظلى لا تزيد ولا تنقص.
وفى رواية أنها تطوقت بالأساس الأول كأنها حية.
وفى أخرى أنها لم تزل راكدة تظل إبراهيم وتهديه مكان القواعد فلما رفع القواعد قدر قامة انكشف.
قال السهيلى فى «روضه»: والسكينة من شأن الصلاة. قال (صلى الله عليه وسلم): «وأتوها وعليكم السكينة» انتهى. فجعله علما على قبلتها حكمة من الله تعالى (2).
Sayfa 74