وفى رواية لغير الأزرقى أنه فى السماء الرابعة.
أقول: الرواية الأولى هى المشهورة الصحيحة الموافقة لما رواه مسلم فى «صحيحه» من حديث ثابت البنانى عن أنس رضى الله عنه من كونه (صلى الله عليه وسلم) اجتمع بإبراهيم (عليه السلام) فى السماء السابعة ورآه مسندا ظهره إلى البيت المعمور. وهذا الحديث أولى بالاعتماد عليه دون غيره.
قال القاضى عياض (رحمه الله) فى «الشفاء»: جود ثابت هذا الحديث ما شاء ولم يأت عنه أحد بأصوب من هذا. وقد خلط فيه غيره عن أنس تخليطا كثيرا لا سيما شريك ابن أبى نمر. انتهى (1).
وأما سبب بناء آدم (صلوات الله عليه): فروى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن الله تعالى لما أهبط آدم كان رأسه فى السماء، ورجلاه فى الأرض وهو مثل الفلك من رعدته، فطأطأ الله عز وجل منه إلى ستين ذراعا. فقال: يا رب، ما لى لا أسمع صوت الملائكة؟ فقال له:
خطيئتك يا آدم. ولكن اذهب فابن لى بيتا واذكرنى حوله كنحو ما رأيت الملائكة تصنع حول عرشى، فأقبل آدم يتخطى، فطويت له الأرض، ولم يقع قدمه فى شىء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة حتى انتهى إلى مكة. فبنى البيت الحرام بعد أن ضرب جبريل (عليه السلام) بجناحه الأرض فأبرز عن أس ثابت فى الأرض السفلى. فقذفت فيه الملائكة الصخر ما لا يطيق حمل الصخرة منها ثلاثون رجلا. قال ابن عباس رضى الله عنه: فكان أول من أسس البيت وصلى فيه وطاف به آدم (عليه السلام)، ولم يزل كذلك حتى بعث الله الطوفان فدرس موضع البيت (2).
أقول: هذا ما يشهد لبناء الملائكة وآدم فى آن واحد كما سبقت الإشارة إليه. انتهى.
مطلب الأجبل التى بنيت منها الكعبة خمسة
ويروى أن بناءه من خمسة أجبل: لبنان، وطور زيتا، وطور سيناء، والجودى، وحراء، حتى استوى مع وجه الأرض، أى لم يرتفع عن وجه الأرض، كما قدمته.
وسيأتى بيان موضع هذا الجبال عند ذكر بناء الخليل إن شاء الله تعالى.
Sayfa 72