145

Cami-i Kebir

الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور

Araştırmacı

مصطفى جواد

Yayıncı

مطبعة المجمع العلمي

الكثيرة من العفو عن الزلل، والتجاوز عن الذنب، وغير ذلك مما جرى هذا المجرى. وأما إرضاء الخلق فينطوي على أشياء طائلة لا يستغرقها الذكر. ومن ذلك قوله تعالى: (أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) فإنه أدخل تحت الأمن جميع المخوفات، لأنه نفى به أن يخافوا شيئًا من الفقر والموت وزوال النعمة ونزول النقمة، وأضاف ذلك من أضاف المكاره. وسمع رسول الله ﷺ رجلًا يقول لآخر: كفاك الله ما أهمك. فقال: هذه البلاغة. فاعرف ذلك. واعلم أن الأصل المعتبر في الإيجاز بالقصر أنك تذكر شيئًا يقع على محتملات متعددة، ألا ترى إلى قوله (تعالى): (فغشيهم من اليم ما غشيهم). وقوله تعالى: (إن الله بأمر بالعدل والإحسان. . .). الآية، وقوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر). وقوله تعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)، وقوله تعالى: (أولئك لهم الأمن وهم مهتدون). فإن هذه الآيات جميعها جارية في المنهاج الذي أشرنا إليه، من أنك تذكر شيئًا يقع على محتملات متعددة، وأمثال ذلك في القرآن الكريم كثيرة. ومن الإيجاز بالقصر باب يسمى (باب أفعل)، وهو التفضيل بين شيئين لا يشتركان في الصفة التي يفضل بها أحدهما على الآخر. فمن ذلك قوله تعالى: (قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا). إلى قوله: (وخير مردًا) فقوله، (خير عند ربك ثوابًا) من مفاخرات الكفار، وإنما قال (خير ثوابًا) وقد علم أن مفاخرات الكفار ليس لها

1 / 145