( فصل) وأول الواجبات معرفة الله تعالى ومعرفة رسله ومعرفة ما جاءت به رسله؛ لأن المعرفة شرط في صحة العبادات فأما معرفة الله فهو أن يثبته المكلف موجودا واجبا لذاته لأن ضد الوجود العدم وأحوال الكائنات وصفاتها وأزمنتها وأمكنتها تنادي بلسان حالها أنها مفتقرة إلى واجب لذاته إذ الأثر لا بد له من مؤثر فإما أن يكون غيره أو نفسه؛ فأما وجوده لنفسه قبل وجوده فذلك محال. وإما أن يكون غيره وذلك الغير إن كان ممكنا افتقر إلى مرجح لوجوده فيدور أو يتسلسل وكل منهما محال. وإن كان واجبا لذاته فهو المقصود. والموجود عين الموجود لا زائد عليه. وأن يثبته قديما باقيا ليس كمثله شئ. فالقدم سلب الأولية عن الذات الواجب لذاته. والبقاء انتفاء الآخرية. وكونه ليس كمثله شئ أي مخالف لسائر الممكنات لا تشبهه ولا يشبهها في شئ وما. وله مصافت ذاتية بمعنى أن ذاته تعالى كفاية فلا تحتاج إلى شئ زائد عليها وصفات فعلية (فأما الذاتية) فهي التي انصف بها عز وجل في الأزل وفيما لا يزال وهي كونه عالما قادرا مريدا حيا سميعا بصيرا. والخلف في الكلام هل هو صفة فعل فقط أو صفة ذات إن أريد به ففي الخرس كما أريد بالعلم ففي الجهل وبالقدرة ففي العجز إلخ (وأما الفعلية) فهي التي لم يتصف تعالى بها في الأزل بل فيما لايزال. وقالوا إنها هي التي تجامع ضدها في الوجود عند إختلاف المحل كالتوسعة على زيد في الرزق وفي التضييق على عمرو. وأيضا له صفات دائرة بين الذاتية والفعلية بحسب التأويل كالرحمن فإنه إن أريد به الرحمة التي هي الإنعام فهي صفة فعل أو إرادة الإنعام فهي صفة ذات. وصفات الذات قديمة وإن كلا منها واحد. فعلمه تعالى محيط بجميع المعلومات فهو يعلمها بذاته. وأن يثبته واحدا في ذاته وهو سلب التعدد وانتفاء التجزؤ وواحدا في أفعاله بمعنى أن لا أثر لشئ سواه فهو الفعال لما يريد.
Sayfa 3