قال اليهودي، ردا على إهانات ظالمه بانفعال لم يستطع جمحه مع ضعفه: «يا لك من لص وشرير! لن أدفع لك شيئا، ولا بنسا فضيا واحدا، إلا إذا سلمت لي ابنتي سالمة وعفيفة.»
قال النورماندي عابسا: «هل أنت في كامل قواك العقلية أيها الإسرائيلي؟ أعلى لحمك ودمك تعويذة تحميهما من الحديد الساخن والزيت الحارق؟»
قال اليهودي في يأس واستسلام منبعهما عاطفة الأبوة: «لا شيء يهمني! افعل أسوأ ما عندك؛ فابنتي هي لحمي ودمي، وأغلى عندي ألف مرة من هذه الأطراف التي تهددها وحشيتك. لن أعطيك أي فضة إلا إذا صببتها مذابة في حلقك الجشع. لا، بل لن أعطيك بنسا فضيا واحدا أيها النصراني، ولو كان سيخلصك من الخطيئة المميتة التي ابتليت بها طوال حياتك! فلتسلبني حياتي إن شئت، ولتقل إن اليهودي، وسط آلام تعذيبه، قد علم كيف يخيب ظن المسيحي.»
قال فرونت دي بوف: «سنرى؛ لأنك، وأقسم بالصليب المبارك، الشاهد على فحش قومك الملعونين، ستذوق عذاب النار والفولاذ! جردوه من ملابسه أيها العبدان، وألقيا به فوق القضبان مكبلا بالسلاسل.»
على الرغم من محاولات المقاومة الضعيفة التي أبداها الرجل العجوز، فقد مزق عنه العربيان ثوبه الذي يغطي نصفه العلوي، وكادا يشرعان في تجريده تماما من ملابسه، عندما سمع صوت نفخ مرتين في بوق خارج القلعة، واخترق حتى أعماق القبو، ثم سمعت بعد ذلك مباشرة أصوات عالية تنادي على السيد ريجينالد فرونت دي بوف. ولأنه لم يكن يرغب في أن يعثر أحد عليه متورطا في عمله الشيطاني، أعطى البارون الوحشي إشارة لعبديه ليعيدا وضع ثوب إيزاك عليه، وخرج من القبو مع تابعيه تاركا اليهودي وهو يشكر الرب على خلاصه.
الفصل التاسع عشر
كانت الغرفة التي أودعوا فيها الليدي روينا مجهزة ببعض محاولات الزخرفة والإبهار الفجة، وربما يعتبر وضعها فيها علامة خاصة على احترام لم يقدم للسجناء الآخرين. كان الوقت قد قارب على الظهيرة عندما ظهر دي براسي، الذي خططت الحملة في الأساس من أجله، ليواصل جهوده في الفوز بيدها وبممتلكاتها.
خلع قلنسوته المخملية محييا الليدي. وبقلنسوته هذه أشار لها بلطف لتجلس على أحد المقاعد. وإذ أصرت على أن تظل واقفة خلع الفارس قفاز يده اليمنى، واقترب منها ليقودها إلى هناك، ولكن روينا رفضت مجاملته لها بإشارة منها، وردت قائلة: «إن كنت في حضرة سجاني يا سيدي الفارس - إذ لا تتيح لي الظروف أن أفكر في غير ذلك - فمن الأفضل لسجينته أن تظل واقفة حتى تعلم مصيرها.»
رد دي براسي: «وا حسرتاه! أيتها الجميلة روينا، إنك في حضرة أسيرك وليس سجانك؛ ومن عينيك الساحرتين يجب أن يتلقى دي براسي ذلك المصير الذي تنتظرينه منه بلهفة.»
قالت السيدة: «أنا لا أعرفك يا سيدي. لا أعرفك، كما أن عدم الكلفة الوقحة التي تتعامل بها معي برطانة شاعر متجول لا تشفع لعنف لص.»
Bilinmeyen sayfa