إتحاف الحثيث ومنهج أبي البقاء فيه
أول معرفتي بهذا الكتاب كان في دار الكتب المصرية بهذا العنوان الّذي نشرته به، فعزمت على إخراجه بعد سؤالي عنه أخرج محققًا أوْ لا؟ ولما كانت الإجابة بالسلب، قطعت فيه شوطًا كبيرًا، ثمّ تبين لي بعد أن الكتاب طبع من قبل بالعنوان الّذي ذكره أصحاب التراجم، وهو "إعراب الحديث" (١)، فنظرت فيه محققًا ونظرت فيما بين يديّ من أوراق، ثمّ استخرت اللَّه تعالى في إكماله، واستشرت بعض المهتمين بالعلّم، فإذا الأمر قد قدره اللَّه تعالى، وسبق السيف العدل. وعلى أية حال فأقول عمن حققه من قبل: شكر اللَّه سعيه.
وأمّا عنوان الكتاب، فإن العكبري ما سمى كتابه "إعراب الحديث" ولا غيره، ولكن أطلق عليه مترجموه هذا الاسم؛ كما قالوا عن "التبيان في إعراب القرآن": "إعراب القرآن"، وكتابنا هذا قال أبو البقاء في مقدمته: "أمّا بعد، فإن جماعة من طلبة الحديث التمسوا مني أن أملي مختصرًا في إعراب ما يشكل من الألفاظ الواقعة في الحديث .. ". فتبين أن هذا الاسم من صنيع أصحاب التراجم، ولم يضعه أبو البقاء لكتابه.
وأمّا اختياري لهذا العنوان فلأسباب أربعة:
أوَّلًا: أن المخطوطة الّتي اعتمدت عليها عنوانها هكذا: "إتحاف الحثيث بإعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث".
ثانيًا: أن "إعراب الحديث" هكذا يوهم بسعة المادة المعروضة، وأن "الحديث" على إطلاقه، وذلك ما لم يكن؛ فالرجل قيد صنيعه بإعراب "ما
_________
(١) نشره مجمع اللُّغة العربيّة بدمشق عام (١٣٩٧ هـ - ١٩٧٧ م) بتحقيق د. عبد الإله نبهان، ثمّ نشره د. حسن موسى الشاعر في الأردن عام (١٩٨١ م) على أنّه الجزء الثّاني من كتابه "النحاة والحديث النبوي".
1 / 31