الصّحيح". وهو رأي ابن جني في "اللمع"، بل يقول - أيضًا - في كتابه "مسائل خلافية": "هو رأي أكثرهم، وليس مختارًا عندي".
وقد جوز فى قول الكميت:
..................... ... .......................... إِلَّا أوارىَّ
أن يروى جرًّا؛ قال البغدادي (خزانة الأدب ٢/ ١٦٨): "وهذا ممنوع عند البصريين جائز عند الكسائي وأبي البقاء في شرح الإيضاح. وهذا رأيه أيضًا في "المتبع في شرح اللمع" (١).
وقال الشّيخ خالد الأزهري في "التصريح" (٢):
"ووقع في شرح لمع ابن جِنِّي لأبي البقاء: ومن المسموح: عندي قفيزان شعيرًا؛ لأنّ القفيز عبارة عن ضرب قصبة في عشر قصبات في عرف الحساب، وهو عشر الجريب. ولم أره لغيره.".
وبعد فإني أتساءل: ألم يكن الرَّجل يفتي في تسعة فنون من العلم؟ ألم يكن فقيهًا حنبليًّا؟ ! فإن كان ذلك - ولا شك - فلم لا يجوز لمثله أن تكون له درجة الاجتهاد الّتي تخول له أن ينتقي مع احتفاظه بانتسابه - في الجملة - إلى مذهب المدرسة البصرية؟ سيما وقد علم عند الأصوليين أن هناك من يسمى بـ "مجتهد المذهب" و"المجتهد المطلق"، فالعكبري لم يكن مقلدًا على طول الخط، وإنّما كان له من الاجتهاد نصيب، وَحُقَّ له ذلك.
وأمّا كونه يأخذ بقول لأبي عليًّ الفارسي في مسألة، ولابن جني في أخرى، وللكوفيين في ثالثة، فهذا لا يعني أن الرَّجل كان بغداديًّا، وإنّما غاية
_________
(١) ينظر: "المتبع في شرح اللمع"، الرسالة السابقة.
(٢) ينظر: "التصريح على التوضيح" (١/ ٣٩٦)، دار إحياء الكتب العربيّة. د. ت.
1 / 29