وعليها باب مغلق، ونقر في أرضها أهراء للطعام، ومصانع للماء، وبنى فيها القصور والدور، فلما فرغ منها قال: اليوم آمنت على الفاطميات يعني بناته، وارتحل عنها.
ولما رأى إعجاب الناس بها وبحصانتها قال: هذه بنيتها لتعتصم بها الفواطم ساعة من نهار، فكان كذلك، لأن أبا يزيد وصل إلى موضع السهم ووقف فيه ساعة وعاد ولم يظفر.
فلما كان في سنة ست وثلاثمائة جهز المهدي جيشا كثيفا مع ابنه أبي القاسم إلى مصر، وهي المرة الثانية، فوصل الاسكندرية في ربيع الآخر، ودخلها القاسم، ثم سار منها، وملك الأشمونين وكثيرا من الصعيد، وكتب إلى أهل مكة يدعوهم إلى طاعته، فلم يقبلوا منه، فبعث المقتدر مؤنسا الخادم في شعبان، فوصل إلى مصر، وكانت بينه وبين القائم عدة وقعات.
ووصل من إفريقية ثمانون مركبًا نجدةً للقائم من أبيه، فأرست بالاسكندرية، وعليها سليمان الخادم، ويعقوب الكتامي، وكانا شجاعين. فأمر المقتدر أن تسير مراكب طرسوس، فسار إليهم خمس وعشرون مركبا، فيها النفط والعدد، فالتقت المراكب على رشيد، فظفرت مراكب المقتدر، وأحرقوا كثيرا من مراكب إفريقية، وأهلك أكثر أهلها وأسر منها كثير، فيهم سليمان ويعقوب، فمات سليمان بمصر في الحبس، وحمل يعقوب إلى بغداد، فهرب منها، وعاد إلى إفريقية.
وغلب مؤنس عساكر القائم، ووقع فيهم الغلاء والوباء، فمات كثير منهم، ورجع من بقي إلى
1 / 71