ما أعجب أمور الدنيا، قد جمعت هذه القفة رؤوس هؤلاء، وقد كان يضيق بهم فضاء المغرب.
ثم إن المهدي خرج بنفسه يرتاج موضعًا على ساحل البحر يتخذ فيه مدينة، وكان يجد في الكتب خروج أبي يزيد النكاري على دولته، فلم يجد موضعًا أحسن ولا أحصن من موضع المهدية، وهي جزيرة متصلة بالبر كهيئة كف متصلة بزند، فبناها، وجعلها دار ملكه، وجعل لها سورًا محكمًا، وأبوابا عظيمة، زنة كل مصراع مائة قنطار.
وكان ابتداء بنائها في يوم السبت لخمس خلون من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثمائة، فلما ارتفع السور أمر راميا بالقوس يرمى سهما إلى ناحية المغرب، فرمى بسهم فانتهى موضع المصلى، فقال: إلى موضع هذا يصل صاحب الحمار يعني أبا يزيد الخارجي فإنه كان يركب حمارا.
وكان يأمر الصناع بما يعملون، وأمر أن تنقر دار صناعة في الجبل تسع مائة شينى،
1 / 70