عَن اخباره بعد هَذَا الالحاح الْكثير من هَذَا الصاحب الْكَبِير فَدلَّ على أَنه لَيْسَ فِي كل علم صَلَاح الْعباد وَأَن قَدرنَا أَنه يحصل من غير خطأ وَلَا تَعب وَلَا خطر فَكيف مَعَ خوف الْفَوْت والخطر الْعَظِيم والتعب الشَّديد بل هُوَ مَعَ تحقق ذَلِك فِي حق الْأَكْثَرين بالتجارب الضرورية
وَمن ذَلِك قَول رَسُول الله ﷺ حِين رفع علم لَيْلَة الْقدر وَسُئِلَ عَنْهَا وَعَسَى أَن يكون خيرا لكم رَوَاهُ البُخَارِيّ وَقَوله فِي حَدِيث معَاذ دعهم يعملوا مُتَّفق على صِحَّته وشواهده جمة كَثِيرَة صَحِيحَة وَمن ذَلِك وَهُوَ أعظمه وأشهره قصَّة الْخضر ومُوسَى ﵉ وَهِي شافية كَافِيَة وَهِي صَرِيحَة فِي اخْتِلَاف الْمصَالح فِي الْعُلُوم وَمِنْه قَوْله تَعَالَى بعد حِكَايَة الإختلاف بَين دَاوُد وَسليمَان ﵉ ﴿وكلا آتَيْنَا حكما وعلما﴾
وَذكر الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم الْبَلْخِي فِي مقالاته الْمَشْهُورَة الْعَامَّة فَقَالَ هَنِيئًا لَهُم السَّلامَة مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَفِي شعر الْعَلامَة ابْن أبي الْحَدِيد المعتزلي وَقد حكى كَثْرَة بَحثه فِي علم الْكَلَام حَتَّى قَالَ
(وأسائل الْملَل الَّتِي اخْتلفت ... فِي الدّين حَتَّى عَابِد الوثن)
(وحسبت أَنِّي بَالغ أملي ... فِيمَا طلبت ومبريء شجني)
(فاذا الَّذِي استكثرت مِنْهُ هُوَ ... الْجَانِي على عظائم المحن)
(فضللت فِي تيه بِلَا علم ... وغرقت فِي يم بِلَا سفن)
وَقَالَ الْفَخر الرَّازِيّ فِي ذَلِك
(الْعلم للرحمن ﷻ ... وسواه فِي جهلاته يتغمغم)
(مَا للتراب وللعلوم وَإِنَّمَا ... يسْعَى ليعلم أَنه لَا يعلم)
وَقَالَ صَاحب نِهَايَة الاقدام
(قد طفت فِي تِلْكَ الْمعَاهد كلهَا ... وسيرت طرفِي بَين تِلْكَ المعالم)
(فَلم أر إِلَّا وَاضِعا كف حائر ... على ذقن أَو قارعا سنّ نادم)
1 / 13