إبطال البيع؛ لأن الوارث لا يملك إبطال بيع الرهن لأجنبي في أصح الروايتين؛ لقول الزيلعي (١): وفي أصح الروايتين لا ينفسخ [ق ٢٥٨ / ب] بيع الرهن وفي المختصر يعني الكنز (٢) إشارة إليه حيث قال: يوقف بيع الرهن على إجازة مرتهنه، أو قضاء دينه. جعل الإجازة إليه دون الفسخ وجعله متوقفا على قضاء الدين. وهذا دليل على أن فسخه لا ينفذ. [و] (٣) وجهه أن الامتناع لحقه كيلا يتضرر والتوقف لا يضره؛ لأن حقه في الحبس لا يبطل بمجرد الانعقاد من غير نفوذ فبقى متوقفا كذا نص الزيلعي في كتاب الرهن. وأما نفوذ وقف المشترى بقدر حصته فظاهر لمصادفته ملكه لقول الزيلعي في باب الاستحقاق عند قول الكنز: وصح عتق مشتر من غاصب بإجازة بيعه عند أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأن الملك ثبت مرتبا عليه وينفذ بنفاذه وصار كإعتاق المشتري من الراهن فإنه يتوقف وينفذ بإجازة المرتهن البيع؛ لأن العتق من حقوق الملك والشيء إذا توقف توقف بجميع حقوقه، وإذا نفذ نفذ بحقوقه. انتهى.
قلت: فهذا نص على نفاذ الوقف بقدر حصة الوارث ومثله في غاية البيان (٤) وفتح القدير.
وإذا علمت هذا فمن قال من أهل زماننا مجيبا للحادثة أن بيع المرهون لوارث المرتهن بيع باطل ووقفه [ق ٢٥٩ / أ] باطل فقد أخطأ من وجوه: وهو أن الباطل غير الفاسد كما هو معلوم في
_________
(١) هو: عثمان بن علي بن مِحْجَن، فخر الدين الزيلعي، فقيه حنفي، درس وأفتى ونشر الفقه واشتغل بالنحو والفقه والفرائض، ومن أهم مصنفاته: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق - بركة الكلام على أحاديث الأحكام، شرح الجامع الكبير للشيباني، شرح المختار للموصلي، توفي في ٧٤٣ هـ. وانظر ترجمته في: تاج التراجم (ص/٢٠٤)، الجواهر المضية (ص/٣٤٥)، الأعلام (٤/ ٢١٠)، الدرر الكامنة (٣/ ٢٥٨)، معجم المؤلفين (٦/ ٢٦٣).
(٢) وهو كنز الدقائق في فروع الحنفية، للشيخ، الإمام، أبي البركات: عبد الله بن أحمد، المعروف: بحافظ الدين النسفي، المتوفى: سنة عشر وسبعمائة، لخص فيه: (الوافي) بذكر ما عم وقوعه، حاويا لمسائل الفتاوى والواقعات، واعتنى به الفقهاء، فشرحه: الإمام، فخر الدين، أبو محمد: عثمان بن علي الزيلعي، وسماه: (تبيين الحقائق، لما فيه ما اكتنز من الدقائق)، وغيره، وانظر: "كشف الظنون" (٢/ ١٥١٦).
(٣) زيادة من " ب ".
(٤) هو (غاية البيان، ونادرة الأقران) شرح الهداية للشيخ، الإمام، قوام الدين: أمير كاتب بن أمير عمر الأتقاني، الحنفي، المتوفى: سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. في: ثلاث مجلدات.
1 / 9